أبو نضر محمد الفارابي (870-950م)، من أشهر الفلاسفة الإسلاميين، لقب بالفارابي لأنه ولد في مدينة فاراب بتركيا، فلما شب خرج من بلده وانتقل إلى العراق واستوطن بغداد، ثم تركها وعمل ببلاط سيف الدولة الحمداني بحلب، التي كانت في ذلك الوقت من أهم المراكز العلمية، حيث الشعراء والعلماء والفلاسفة. لم يقبل الفارابي على طلب الحكمة رغبة في منفعة، بل طمعا في إرواء ظمأ داخلي، كان يدفعه إلى البحث عن الحقائق المجردة. كتابه إحصاء العلوم دليل ساطع على تفوقه في كل أصناف المعارف، منها المنطق والرياضيات وعلم الفلك وفن الموسيقى وعلم الفقه وغيرها. كان الفارابي يقضي معظم أوقاته في مطالعة مصنفات الأقدمين، خصوصا مؤلفات أفلاطون وأرسطو، فيشرحها ويعلق عليها. كان يناصر العلم ويدعو إلى التجربة، وامتاز أسلوبه بالدقة والتركيز، حيث كان يستخدم الجمل القصيرة للوصول إلى المعنى. من أهم كتب الفارابي آراء أهل المدينة الفاضلة الذي أوضح فيه أن الاجتماع الإنساني طبيعي، ناتج عن ضرورة التعاون لنيل الكمال وتحصيل السعادة. وأن المجتمع يكون كاملا أي مدينة فاضلة إذا ما تسلم الفلاسفة الحكم، فينظمون المدينة طبقات بحسب الجدارة والاستحقاق، ويعلمون السكان المبادىء القويمة ويدربونهم على مؤازرة بعضهم البعض، فمتى حصلوا على هذا النظام كان العدل وكانت السعادة. فإذا قام كل فرد بعمله واتقن مهنته وأنجز مهمته، حصد من مجموع هذه الجهود المنظمة التناسق والتآلف والسعادة التي يحلم بها البشر. يجب أن تتوفر في رئيس المدينة الفاضلة عدة مزايا منها: كمال العقل حتى يستطيع أن يقرن العلم بالعمل والحكمة والفضيلة، وكذلك أن يكون ذكيا وحسن العبارة ومحبا للصدق، وزاهدا في الدنيا ومحبا للعدل، وقوي العزيمة وجسورا مقدما. انتشر كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة في الشرق والغرب، بعد ترجمته وتأثر به الكتاب في كل العصور.
الأربعاء، 3 فبراير 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق