الأمم المتحدة

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945 اتفقت الدول المستقلة في العالم على تأسيس منظمة عالمية تكون أهدافها تحقيق السلام العالمي عن طريق حل النزاعات بين الدول بالطرق السلمية وعدم اللجوء للحرب، وتشجيع التعاون الدولي في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، واحترام حقوق الإنسان وعدم التفرقة بين البشر بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو الأصل أو الجنس. هكذا جاء ميثاق الأمم المتحدة الذي صدر يوم 24 أكتوبر 1945 ووقعت عليه إحدى وخمسون دولة، كانت هي الدول الأعضاء في ذلك الوقت، ووصل عددها اليوم إلى 192 دولة. وكان الدافع الرئيسي لإنشاء هذه المنظمة هو الرغبة في عدم تكرار الكوارث التي أصابت العالم نتيجة لقيام حربين عالميتين تسببتا في قتل وجرح وتشويه وتشريد ملايين الضحايا من الرجال والنساء والأطفال، ونتج عنهما تدمير الآلاف من المصانع والمزارع والمدارس والبيوت. يقع المركز الرئيسي للأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية. والكون الأمم المتحدة من كثير من الأقسام، أهم هذه الأقسام الجمعية العامة ومجلس الأمن. تتكون الجمعية العامة من جميع الدول الأعضاء، وتتخذ قراراتها بالتصويت، وتعقد اجتماعا سنويا في الخريف من كل عام. أما مجلس الأمن فهو يتكون من 15 عضوا، وهناك نوعان من العضوية، عضوية دائمة تتمتع بها خمس دول كبرى هي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وعضوية غير دائمة تتمتع بها عشر دول تتغير كل سنتين وتنتخبها الجمعية العامة. وتتمتع الدول ذات العضوية الدائمة بحق النقض حيث لا يمكن صدور أي قرار إذا اعترضت عليه إحدى هذه الدول. يرى كثير من السياسيين أن نظام مجلس الأمن الحالي غير عادل لأنه يعطي العضوية الدائمة لخمس دول فقط ويحرم منها بقية دول العالم، كما أنه يحرم منها قارات بأكملها ودولا حققت تقدما علميا واقتصاديا مذهلا بعد إنشاء الأمم المتحدة، مثل ألمانيا واليابان. ولذلك تدرس الأمم المتحدة مع دول العالم اقتراحات بتوسيع العضوية الدائمة بضم ألمانيا واليابان وثلاث دول أخرى تمثل أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. يأتي على رأس المنظمة الأمين العام وينتخبه مجلس الأمن كل خمس سنوات. ونظم الأمم المتحدة كثيرا من المنظمات المتخصصة سنتكلم عن بعضها.

كلمة يونسيف تمثل اختصارا لـ صندوق الأمم المتحدة للطفولة، وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة ومقرها مدينة نيويورك، وتهدف إلى توفير حياة جديدة للأطفال في جميع دول العالم وخاصة الدول النامية والفقيرة بأن تساعدهم على الحصول على حقوقهم المشروعة في تعليم  متطور ورعاية صحية كافية ومسكن صحي نظيف والحماية من العنف وسوء الاستغلال، وفي مجال الرعاية الصحية تركز اليونيسيف على وقاية الأطفال من الأمراض الخطيرة والمعدية مثل الملاريا والدرن والايدز. كما تهتم اليونسيف بضرورة إعطاء الأطفال حقهم في التعبير عن آرائهم بحرية، وتطالب المسئولين في كل دول العالم بأن يستمعوا إلى هذه الآراء بكل جدية واهتمام. ونتيجة للجهود الكبيرة التي بذلتها منظمة اليونسيف وما زالت تبذلها لصالح أطفال العالم، نالت جائزة نوبل للسلام سنة 1965. كلمة يونسيف هي اختصار لعبارة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة. يقع مقر منظمة اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس، وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة، تهدف لتحقيق السلام العالمي من خلال المشاركة في تشجيع ونشر التربية والعلوم والثقافة والحث على احترام العدالة وقواعد القانون وحقوق الإنسان وكافة الحريات التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة. وتهتم منظمة اليونسكو بتوفير الحرية للصحافة ووصائل الإعلام الأخرى، ومن أهم أهدافها حماية الثقافات المختلفة والمتنوعة لكافة الشعوب، وتشجيع ازدهار الفنون والعلوم والآداب، وحماية الآثار، ومساعدة شعوب العالم على التعرف على ثقافات بعضها البعض واحترامها. وتمنح اليونسكو الكثير من الجوائز والأوسمة للشخصيات والهيئات التي تقوم بدور فعال في نشر رسالتها وتحقيق أهدافها. منظمة الصحة العالمية هي منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة. يقع مركزها الرئيسي في جنيف بسويسرا. تأسست سنة 1948، وأهم أنشطتها تنسيق جهود الدول في سبيل مكافحة الأمراض الخطيرة والمعدية، كما تسهم في إنتاج وتوزيع الأدوية والأمصال الواقية من هذه الأمراض. وقد كان لمنظمة الصحة العالمية دور كبير في القضاء نهائيا على مرض الجدري الذي اختفى تماما من العالم منذ سنة 1979. كما حقق خبراء المنظمة تقدما كبيرا في سبيل إنتاج مصل واق من مرض أنفلونزا الطيور. وتقوم المنظمة بحملات مكثفة لتشجيع شعوب العالم على زيادة استهلاكها من الفواكه والخضروات كوسيلة للوقاية من الأمراض، وتبذل جهودا كبيرة في مجال مكافحة التدخين في كل صورة وأشكاله، كما تجري بحوثا للتأكد من وجود أضرار على الصحة العامة بسبب استخدام الهاتف المحمول. يقع مقر محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا، وقد نص على إنشائها ميثاق الأمم المتحدة سنة 1945، وهي كما يدل اسمها محكمة مختصة بالفصل في النزاعات التي تنشأ بين الدول. فعندما تختلف دولتان يلجأ الطرفان أو أحدهما لمحكمة العدل الدولية كي تصدر حكما في هذا الخلاف، وبهذا الأسلوب يتجنب الطرفان اللجوء إلى الحرب من أجل حل الخلاف بينهما، وهكذا تحقق المحكمة هدفا من أهم أهداف الأمم المم المتحدة. ومن أهم أحكام محكمة العدل الدولية، الحكم الذي أصدرته سنة 1989 في النزاع بين مصر وإسرائيل حول منطقة طابا بشبه جزيرة سيناء، التي كانت تحتلها إسرائيل. وقد أصدرت المحكمة حكمها بحق مصر في عودة طابا إليها، وجلاء الاحتلال الإسرائيلي عنها. وكذلك الحكم بعدم شرعية الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.