كان الضوء العجيب الذي ينبعث من معظم الكائنات الحية ، التي تسكن في
أعماق المحيطات ، يحير العلماء . و كانت هذه الكائنات البحرية تبدو و كأنها "
بطاريات " تطلق أضواء بيضاء أو ملونة بشكل متصل أو متقطع . اتفق العلماء على
إطلاق تعبير " الضوء الحيوي " على هذه الظاهرة الغريبة ، لأنها كانت
تصدر داخليا من الكائنات الحية ، دون أي مصدر خارجي . كما اتضح أم الضوء الحيوي
الذي يصدر أيضا من بعض الكائنات التي تعيش على اليابسة مثل " الحباحب "
( ذبابة النار ) ، و عدد من الفطريات ( نباتات بسيطة لا جذور و سيقان و أوراق لها
، تعيش متطفلة و معظم أنواعها مضرة بالإنسان ) ، و البكتيريا .و لكن ما الذي ينتج هذا الضوء الحيوي ؟ توجد مادة كيميائية داخل هذه
الكائنات يطلق عليها " لوسفرين " تتحد مع الأوكسجين ثم بأنزيم "
لوسفريز " داخل جسمها ، فيصدر الضوء الحيوي. و الأنزيم
مادة كيميائية بروتينية تعمل على زيادة التفاعلات الكيميائية داخل الجسم .و من
فوائد الضوء الحيوي لهذه الكائنات
:التعرف على أفراد جنسها ، و خداع و تجنب الحيوانات المفترسة ، و جذب
الفرائس التي تتغذى عليها ، و إنارة المكان الذي تسبح فيه ، و وسيلة للاتصال ببني
جنسها أو لتحذيرها من وجود خطر ما
.يعيش هذا النوع من الأسماك ، في أعماق المحيطات ، على عمق أكثر من 900
متر ، و يعد من أضخم الأسماك ، و يتميز برأس ضخم مسطح و جسم كروي و فم كبير جدا .و قد
أطلق عليه هذا الاسم لوجود زائدة تبرز عاليا من مقدمة رأسه ، تشبه الطعم الذي يضعه
الصياد في شص الصنارة ، و على طرفها قطعة صغيرة من الجلد ، تتوهج بالضوء الحيوي .
هذه القطعة المتوهجة من الجلد تحرك إلى الأمام و الخلف تغري الأسماك الصغيرة
بالاندفاع إليها ، باعتبارها شيئا يؤكل ، غير مدركة أن المرتفعات الشبيهة برمل
القاع هي في الواقع عدو مميت ، يرقد بلا حراك و نصفه مدفون في الطين و الرمل .لأسماك
" أبو الشص " القدرة على نفخ معدتها ، بحيث تتسع للأسماك الصغيرة التي
تبتلعها كاملة دون مضغها أو قضمها إلى قطع . تعد أسماك أبو الشص من أغرب أسماك
المحيط ، ليس بسبب تلك الزائدة المضيئة ، و لكن لأن الأنثى تبلغ ضعف حجم الذكر
تقريبا .و عندما
لا يجد الذكر الطعام الذي يكفيه ، و يكاد يمون جوعا ، فإنه يتشبث بجسم الأنثى
بواسطة أسنانه الحادة ، و يمتص منها الغذاء . و تضع الأنثى نحو مليون بيضة مجتمعة
، في كتلة واحدة .قنديل
البحر حيوان بحري من الرخويات ( لافقاريات أغلبها بحري ، جسمها رخو ) و جزؤه
الأسفل عضلي و يعرف بالقدم ، شكله كالمظلة الشفافة الهلامية ، و له فتحة فم بالوسط
و العديد من الزوائد الذي يطلق عليها " المجسات " تساعده على اقتناص
الفرائس ، بما تحويه من خلايا سامة
.له أعصاب و عضلات ، لها خلايا من أنواع خاصة جدا ، مرتبة بعضها مع بعض
في شكل معين ، لتكون أنسجة خاصة ، و تتصل الأنسجة الحساسة بأنسجة عضلية قوية ،
تنقبض فتجعل أذرعه تتمسك بالغذاء ، أو تنبسط لتتخلص من المواد غير القابلة للهضم .تتوهج بعض
قناديل البحر في ظلمة الماء عند الأعماق ، و لعل من أشهرها " رئة البحر
" التي تشبه زهرة عجيبة ، تعيش في أعماق المحيطات على عمق يتراوح من 500 متر
إلى أكثر من 1000 متر . و تسبح " رئة البحر " بحركة نشبه فتح المظلة و
إغلاقها ، و توجد أربع مناطق تشبه أضلاع المظلة ، عبارة عن أنابيب جوفاء ، تصل عن
طريقها العصارات الغذائية إلى حافة المظلة . و هناك تفتح في قناة أخرى دائرية توزع
الغذاء حول الحافة ، التي تتدلى منها أذرع عديدة كل منها بها خيوط لاسعة . و تحيط
بالمعدة ثماني غدد بارزة اللون البرتقالي المحمر ، تساعد على عملية الهضم . و
تتألق رئة البحر بالألوان الحمراء و الزرقاء و البيضاء . و تستمر هذه الإشارات
الضوئية لعشرات الثواني ، عندما ترغب في اقتناص الفرائس ، التي تقترب منها
باعتبارها شيئا يؤكل ، و في لمح البصر تنقض عليها رئة البحر بأذرعها التي بها
خلايا سامة ، ثم تقتلها و تلتهمها
.الحبار حيوان رخوي من ذوات " الرأسيات الأقدام " ( أي التي
تحيط بفمها مجموعة من الزوائد تشبه الأقدام ) . تنطلق الحبارات في الماء و طرفها
المدبب إلى الأمام ، و إلى الخلف يوجد الرأس و عشر أذرع مدلاة ، و هي التي تقتنص
الفرائس مثل أسماك " المكاريل " بواسطة ممصات عليها ، و تدفعها إلى داخل
الفم في وسطها ، حيث يوجد منقار مثل منقار الببغاء و قضمه واحدة منه كافية لتحليل
الأسماك إلى قطع صغيرة يمكن للحباء ابتلاعها .توجد أشكال متعددة من الحبارات ، تستوطن البحار و المحيطات من السطح
إلى الأعماق ، في المياه الباردة و الدافئة ، بعضها ضخم جدا يصل إلى عدة أمتار ، و
البعض الآخر بالغ الصغر . و يمكن لهذه الحبارات أن تقذف من كيس داخل جسمها ، سحبا
كثيفة من مادة تشبه الحبر ، و منها اشتق اسمها لخداع أعدائها ، و كأنها غواصات
تقذف ستارا من الدخان
.يعيش الحبار المضيء في أعماق المحيطات ، على عمق يتراوح بين 600 و 900
متر ، و تغطيه الخلايا التي تصدر الضوء بألوان مختلفة . و لهذا الحبار قدرة عظيمة
على تغيير هذه الألوان ، فبمجرد أن يندفع إلى سرب من أسماك " المكاريل "
التي يتغذى عليها ، حتى يصاب بحالة من الهياج و يأخذ القنص و القضم يمنة و
يسرة ، و أثناء تلك " المعركة " يحمر لون جسمه ثم تبدو منه أجزاء باللون
الأبيض و الأزرق و البرتقالي ، تظل متألقة لعشرات الثواني ، ربما ليعمي بها أسماك
المكاريل فلا تستطيع المقاومة ، أو كوسيلة للإضاءة في الظلمة الشديدة أو للتعرف
على بني جنسه .القشريات
مجموعة من الحيوانات تتميز بقشرة قوية تغطي أجسامها ، مثل السراطين و الروبيان (
الجمبري ) و جراد البحر أو الكركند ، و أهم ما في القشريات ، التحام الرأس و الصدر
و تحوّلهما إلى قطعة واحدة ، و أنها جميعا لها هيكل خارجي يضم جسمها و يحميه . و
في فم الحيوان القشري فكان صلبان لمضغ الطعام و قرنا استشعار . و يتحرك قرنا
الاستشعار على الدوام هنا و هناك ، فيساعدان الحيوان القشري على التعرف بما يدور
حوله ، وكذلك تلمّس الطعام أثناء أكله
.و لا بد للروبيان من قشرة قوية اغطيه من الخارج لحمياته ، و يستلزم
النمو أن يطرح الروبيان هذه القشرة مرارا . إذ يأتي الوقت ، مع استمرار النمو ، أن
تصبح القشرة عاجزة عن الإحاطة بالروبيان لفترة أطول فتنشق على طول الظهر . و يسحب
الروبيان أرجله اللينة من أغلفتها و يخرج من قشرته المنشقة ، و يصبح في هذه الحالة
كائنا عاريا رخوا ، و إذا لم يختبئ في مكان أمين لفترة طويلة ، حتى تنمو له قشرة
جديدة ، فإنه يصبح فريسة سهبة لكثير من أعدائه الجوعى .تسبح ملايين من الروبيان الصغيرة في المياه العميقة المظلمة ، و يكون
لها لون قرمزي زاه ، و يصدر الضوء الحيوي منها ، و تتميز بإصدار أضواء حمراء و
زرقاء و صفراء ، و هي تنيـــــر "
مصابيحها " لمدة نحو عشر ثوان ثم تطفئها خمس ثوان ، وهكذا
باستمرار ، و كأنها تتبــادل " رسائل " معينة مع بني جنسها ، و هكذا
تكون هذه المصابيح تحت إرادة الروبيان ، فإن شاء أطفأها و إن شاء أنارها .
السبت، 14 فبراير 2015
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق