في منطقة نائية بشرق المحيط الهادي، تقع جزيرة الفصح، تلك الجزيرة المنعزلة، الصغيرة، قليلة السكان التي يرجع تاريخها للقرن العاشر الميلادي. كانت الجزيرة موطنا لشعب قديم يسمى رابانوي، وهو شعب من أصول بولينيزية عاش قرابة الألف عام معزولا عن العالم مكتفيا بثقافة خاصة به اندثرت وتلاشت معظم معالمها مع اندثار ذلك الشعب بشكل سريع ومفاجئ منذ عام 1600م، ولم يبق من معالم تلك الثقافة سوى عدد هائل من التماثيل الحجرية العملاقة التي بناها الرابانوي قديما تمجيدا لأجدادهم الأموات، إيمانا منهم بقدراتها على حراسة سكان الجزيرة من الأحياء. ظلت الجزيرة في عزلتها ولا يعرف أحد عنها شيئا، إلى أن زارها المستكشف الهولندي جاكوب روغيفين عام 1722، وتصادف يوم زيارته لها مع عيد الفصح، فأطلق عليها منذ ذلك اليوم جزيرة الفصح. تعد تماثيل الجزيرة التي تبلغ عددها حوالي 1000 تمثال، من العجائب المعمارية الرائعة التي بهرت الناس لقرون عديدة لضخامة أحجامها، وأشكالها الغربية المهيبة، حيث تبدو جميعها على شكل إنسان حجري ضخم، يتميز شكل وجهه بعلو الأنف وعمق محاجر العينين وطول الأذنين وارتفاع طرف الشفاه، كما تتميز جميعها بانعدام الأرجل ووضع الأيدي على البطون. يرتدي البعض منها قبعات حجرية حمراء، كما يحل محل العيون في بعض التماثيل أصداف ملونة تمنحها مظهرا مهيبا ونظرات حادة قوية. يقف البعض منها في صف واحد على الساحل المحيط وظهورهم للماء ويصل متوسط طول معظمها حتى 10 أمتار، ويزن أكثر من 80 طنا، كما يبلغ طول أكبرها حوالي 22 مترا، ويزن أكثر من 300 طن، لهذا يرى الكثير من المؤرخين والعلماء أن الرابانوي القدماء لابد وأنهم استعانوا بالحبال والبكرات والعتلات لإنجاز المرحل النهائية لنحت ونصب تلك التماثيل في أماكنها الحالية، لاستحالة قدرتهم الجسدية على رفع تلك الأحجام الضخمة منها. يعلو رؤوس وأجسام تلك التماثيل نقوش وكتابات غريبة لم يتم فك رموزها حتى الآن. على الرغم من عدد سكان الجزيرة الذي لا يتعدى 300 شخص، إلا أنها تعد من الوجهات السياحية المفضلة لعدد كبير من السياح لما تتمتع به من المناظر طبيعية ساحرة، علاوة عل أشكال التماثيل العجيبة. عام 1988، أصبحت هذه الجزيرة رسميا إحدى الجزر التابعة لجمهورية شيلي ، كما أعلنت منظمة اليونسكو تصنيف تماثيلها ضمن الآثار المعمارية التاريخية في العالم.
الخميس، 30 يوليو 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق