كان والي الكوفة مضرباً للمثل بين الناس في الخسة والبخل لكن لم يجرأ أحد أن يقول ذلك للوالي .
وذات يوم كان الوالي مرتاح البال فأخذ يبحث عن شيء يلهي به ، فصمم أن يدعو بهلولاً إلى القصر ليقضي معه يوماً سعيداً .
هذا مضافاً إلى أن مثل هذا اللهو لا يكلف الوالي شيئاً ، لذا أمر نفراً من الحرس ليأتوه ببهلول ، فقال: (( اذهبوا واتونا ببهلول )).
ذهب الحرس في طلب بهلول وجاءوا به إلى قصر الخلافة ، فلما وقع نظر الوالي عليه فتح معه حديث المزاح لكنه في كل مرة كان يسمع جواباً صارخاً من بهلول ، بحيث كان أصدقاء الوالي يضحكون في قلوبهم على ما صار يعاني منه الوالي من أجوبة بهلول .
أراد الوالي التخلص من بهلول بشكل من الأشكال بحيث يجعل بهلول يغادر بنفسه القصر ، فقال الوالي له : (( سمعت بأنك تعرف الكلاب جيداً )).
قال بهلول : (( لعل الأمر كذلك ، فهل معرفة الكلاب تقدم خدمة للوالي ؟)).
قال الوالي : (( أنت تعلم بأني أحب الصيد كثيراً ، لذا أريد منك أن تبحث لي عن كلبٍ جيداً للصيد)) .
قال بهلول : (( سوف أفعل ذلك)).
قال الوالي – وهو يريد من بهلول الانصراف بسرعة - : (( نعم تستطيع أن تبدأ البحث عنه من الآن )) .
قال بهلول : (( حسناً ، سأذهب ثم أعود بعد أيام مع الكلب الذي أردته )) .
وبعد أيام جاء بهلول ومعه كلب سمين جداً إلى قصر الخلافة وهو يجر به ، فلما رآه الوالي صاح به بغضب : ((هل جننت ؟)) .
أجابه بهلول بسكينة : (( ولماذا أجن؟ )) !.
أشار الوالي بيده إلى الكلب وقال : (( هل تعرف صفات كلب الصيد؟)).
قال بهلول : (( نعم أعرف ذلك )).
صاح به الوالي وقال : (( فما هي صفاته؟)).
قال بهلول: (( لا بد أن يكون كلب الصيد نحيفاً وخفيفاً ليتمكن من افتراس صيده بسرعة)).
قال الوالي : (( إن مما يدعو للأسف إنك تعلم ذلك ، ومع ذلك جئتنا بكلبٍ سمين )).
أجابه بهلول وقال : (( لا تغضب يا حضرة الوالي ، إنك مع البخل المعروف عنك بين الناس ستجعل من هذا الكلب كلباً للصيد في أسبوع واحد لما سيبلغ من الهزالة والضعف بحيث لا يقاس به كلب صيدٍ آخر)).
ولما نظر الحاكم إلى من حوله وقد كانوا يؤيدون كلام بهلول برؤوسهم ، صاح الحاكم بهم : (( هل تعرفون عني البخل ؟)).
أجابه الحاضرون في القصر بأجمعهم من حيث لا يشعرون : (( نعم يا مولاي)).
صاح بهم بغضب : (( ثكلتكم أمهاتكم )) ثم انصرف عنهم لكي لا يرى منهم الهمز واللمز بسبب ما حدث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق