رفع الكاهن عينيه إلى السماء، وأخذ يتمتم ببعض العبارات بلغة المايا، إنه يهدي إلى آلهته، قربانا بعد موت الحاكم. حدث هذا منذ نحو ألف وخمسمائة عام مضت، إنها الطقوس الجنازية التي تقام عند وفاة الحكام والنبلاء. وكانت التقاليد في ذلك الوقت تحتم أن يكون القربان من الأحجار الكريمة، التي ترغب فيها الآلهة حسب معتقداتهم، وكان الحجر الكريم المفضل لإله الموت، هو اليشب، وهو نوع من الكوارتز ذي اللون الأخضر غالبا، ولكنه قد يوجد بألوان حمراء وصفراء وسوداء، وهذا التنوع اللوني جعله دائما مرغوبا. يتشكل اليشب خاصة في شقوق الصخور البركانية، وكان الكهنة يصنعون التماثيل الذهبية الصغيرة المطعمة باليشب الذي به رشات من بقع حمراء، وكان يطلق عليه اليشب الدموي، وهو ملائم اتماما لمقاومته للعوامل الفيزيائية والكيميائية. وكانت تقام احتفالات كبيرة بمجرد موت أحد الحكام أو النبلاء، وتوضع كمية كبيرة من اليشب الخام عند باب مقبرته، ويقوم الكاهن بإجراء طقوس دينية ويمسك بيده بقلادة أو تمثال ذهبي به العديد من قطع اليشب التي قتلت لإطلاق قوة الحياة الكامنة فيها، حسب معتقداتهم الغريبة، وحتى تصاحب هذه القوة الراحل إلى العالم الآخر، لتخفف عنه ما قد يتعرض له من عذاب، ويركع كاهن آخر على ركبتيه مستعدا لأن يقذف بحلي أخرى من اليشب، داخل حفرة مبطنة بالحجارة عمقها نحو ستة أمتار وهي قبر الحاكم المتوفى، وبعد ذلك يغطي الكاهنان المدخل بالتراب ويضعان عليه طبقة من قطع اليشب.
الأحد، 15 أغسطس 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق