الجمعة، 8 مايو 2009

سور الصين العظيم


يمثل سور الصين العظيم واحدا من أندر المشاريع الهندسية في تاريخ المعمار البشري، هذا إن لم يكن أغربها على الإطلاق، فهو يعد مشروعا دفاعيا عسكريا بالدرجة الأولى، أظهر الصينيون القدماء من خلاله ذكاءهم وقدرتهم الفائقة على العمل الشاق، حيث تم تشييده كله يدويا دون الاستعانة بأي آله، لذلك احتاج الأمر لتجنيد أكثر من مليون وخمسمائة ألف جندي ومواطن صيني، لإنجاز هذا المشروع الضخم الذي بدأ العمل في تشييده منذ أوائل القرن الرابع واستمر حتى بداية القرن السابع عشر الميلادي. ظهرت فكرة المشروع عندما بدأت طائفتان من القبائل المتحاربة في بناء أسوار على حدود كل منهما للدفاع عن نفسها ضد غزو القبيلة الأخرى، إلى أن جاء الإمبراطور الصيني شي هوانغ الذي قام بتوحيد تلك القبائل المتحاربة، وأسس أول دولة موحدة ذات سلطة مركزية في تاريخ الصين، وهي أسرة تشين الملكية. حتى يضمن الإمبراطور استقرار أمن وسلامة دولته الموحدة وحماية أراضيها ضد هجمات سطو قبائل هان البدوية، التي كانت تسكن الحدود الشمالية للصين، قام بربط الأسوار التي شيدتها القبائل المتحاربة التي وحد بينها، لينتج عن ذلك سور أسرة تشين الملكية، الذي بلغ طوله أكثر من 5000 كيلو متر، حرصت الأسر الملكية المتعاقبة في تاريخ الصين على تكملة هذا السور وبناء أسوار ترتبط به، حتى بلغ إجمالي طول الأسوار التي تم بناؤها 67 ألف كيلومتر، هي إجمالي الطول الكلي لسور الصين العظيم، الذي ساعد على حماية الصين فعلا من السرقات، مما مكن الناس من الاطمئنان والعمل دون خوف، ولكنه لم يوفر سوى دفاع بسيط ضد الغزو المغولي الذي اجتاح الأراضي الصينية بقيادة جنكيز خان، في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي. لم يكن هذا الصرح المعماري مجرد سور أسمنتي بل كان مشروعا دفاعيا متكاملا، يتألف من أبراج مراقبة، وممرات إستراتيجية عسكرية، للهروب عند أوقات الخطر، بالإضافة لثكنات للجنود، وأبراج إنذار، وغيرها من المنشآت العسكرية، كما كان يحكمه نظام قيادي عسكري متكامل، يضم مختلف مستويات القيادات العسكرية.

ليست هناك تعليقات: