السبت، 27 يونيو 2009

الفن السابع


السينما فن ولد في نهاية القرن التاسع عشر، وازدهر في القرن العشرين، فهل تتراجع السينما في عصر الكمبيوتر؟ أم تستفيد من العلوم الكمبيوتر كي تحقق المزيد من الازدهار؟ بعد أن تجلس على مقعدك داخل قاعة السينما، تنطفئ الأنوار بالتدريج، ليسود الصمت والظلام، لتظهر على الشاشة الفضيه صور متحركة يصاحبها حوار أو لحن موسيقي يأتي من مكان خفي، يتركز كل انتباهك على أحداث الفيلم الذي خرجت من منزلك ودفعت ثمن بطاقة الدخول كي تشاهده. خلف هذه الصورة المتحركة الناطقة الملونة، هناك تاريخ طويل من الخيال والابتكار والعمل الدؤوب، وهناك مراحل من التطور والإضافة والتجديد، وهناك تظافر وتشابك بين فنون متعددة ومهن مختلفة ومواهب متنوعة امتزجت معا لتقدم لنا هذا الفن الذي يسميه أصحابه الفن السابع. وقد أطلق هذا الإسم على الفن السينما لسببين، لأنها جاءت لتضيف فنا جديدا للفنون الستة المعترف بها حتى ذلك الوقت وهي الموسيقى والعمارة والرسم والنحت والشعر والرقص، ولأنها استفادت من كل تلك الفنون ومزجت بينها وقدمتها لنا في شكل الفيلم السينمائي. تعتبر سنه 1895 هي تاريخ ميلاد السينما، حيث نجح الأخوان لوميير Auguste and lousi Lumiere في تقديم أول عرض لصور متحركة على الشاشة في العاصمة الفرنسية باريس، ولم يأت ابتكارهما من فراغ، فقد استفادا بما سبقه من اكتشافات مثل التصوير الفوتوغرافي والفانوس السحري. وعلى عكس المولود البشري الذي نراه يعلن عن ميلاده بالصراخ، فقد جاء ميلاد السينما صامتا، حيث كان العرض مقتصرا على الصور فقط ولم تكن تصاحبه أي أصوات أو حوار، وشهدت مدينة نيويورك عرضا مماثلا في نفس السنة، وظلت الأفلام التي ظهرت بعد ذلك صامتة تماما أو الأفلام رسوم متحركة حتى سنة 1905، كما كانت معظم الأفلام وثائقية، بمعنى أنها تقدم تسجيلا لأحداث معينة تشبه الأفلام التي نراها مصاحبة لنشرات الأخبار في التلفزيون، ولم تقدم قصصا روائية باستثناء حالات نادرة جدا. بدءا من سنة 1911 بدأت السينما مرحلة جديدة، حيث أضيف الصوت إلى الصورة، ولكن لا تتعجل، فهذا الصوت لم يكن حوارا كالذي نسمعه في أفلام اليوم، ولكنها كانت مؤثرات صوتيه، كصوت سقوط شيء على الأرض، أو صوت اصطدام جسمين، وهكذا... وفي ذلك الوقت بدأت الأفلام الروائية تغزو شاشة السينما لتحل محل الموضوعات الوثائقية، وظهر نجوم كبار استمر وجودهم في المراحل التالية مثل شارلي شالبن. وقد تأثرت السينما في أوروبا تأثيرا سلبيا بأحداث الحرب العالمية الأولى(1914-1918) فانتقلت زعامة السينما العالمية إلى هوليود في الولايات المتحدة واستمرت كذلك حتى يومنا هذا. وفي سنة 1927 عرض أول فيلم ناطق بمعنى الكلمة، وتمكن الجمهور لأول مرة من أن يسمع حوار الممثلين مصاحبا للصورة، وبعد سنوات قليلة ظهرت الأفلام الملونة، فاكتسبت السينما بفضل ذلك مزيدا من الجمهور. استفادت السينما في كل مراحل تاريخها من التطور العلمي والتكنولوجي، فحسنت من وضوح الصورة ونقاء الصوت، واستخدمت الحيل السينمائية المختلة، وفي سنة 1977 ظهر فيلم حرب النجوم كأول فيلم يعتمد على تكنولوجيا الكمبيوتر في تصويره وإنتاجه، ومنذ ذلك التاريخ أصبح استخدام الكمبيوتر عنصرا رئيسيا في أي فيلم ناجح، وازدهر إنتاج أفلام نفسها على الإنترنت، وأنت تستطيع اليوم أن تشتري أي فيلم مطبوعا على أسطوانة DVD، وهناك من يقولون أن الكمبيوتر سوف يقضي على السينما، ولكن هذا الكلام قيل عندما ظهر التلفزيون كمنافس خطير للسينما، ولكن السينما بقيت لأنها استفادت من الاكتشافات العلمية المختلفة وطورت نفسها كي تستمر في جذب الجمهور، وقد دخلت السينما العصر الرقمي وبدأت تستغني عن شريط السينما التقليدي، وسوف تبقى وتصبح أكثر جاذبية وتطورا في عصر الكمبيوتر. عندما نشاهد أحد الأفلام، يثير إعجابنا البطل أو الأبطال الذين لعبوا الأدوار الرئيسية فيه، وقد يغيب عن بالنا أن الفيلم السينمائي هو محصلة عمل فريق كبير، فهناك كاتب السيناريو، الذي يضع القصة في شكل يصلح الإنتاج السينمائي، وهناك المخرج الذي يوجه الممثلين وينسق بين أدوارهم، وهناك فريق التصوير السينمائي، ومصمم الديكور، وهناك الماكيير الذي يضع اللمسات المناسبة على وجوه الممثلين، ولا ننسى المنتج الذي يوفر التمويل الازم للفيلم وينفق عليه حتى يخرج للنور، وهناك المونتير الذي يعالج شريط الفيلم حتى يصبح صالحا للعرض، وهناك مهن كثيرة جدا لا يمكن الاستغناء عنها، ويسهم أصحابها في نجاح أي فيلم سينمائي. ويتوقف نجاح الفيلم على مدى الاتفاق والانسجام بين أفراد هذا الفريق الكبير. أوصيك يا عزيزي بأن تتذكر وأنت تغادر دار السينما أن هناك أبطالا كثيرين لم يظهروا على الشاشة لأنهم كانوا يقفون خلف الكاميرا.

ليست هناك تعليقات: