الخميس، 30 يوليو 2009

البتراء المدينة الوردية


في موقع جغرافي مميز بين عدة حضارات عربية، تقع مدينة البتراء العتيقة التي يرجع تاريخ ظهورها إلى عام 90 قبل الميلاد، حيث كانت موطن وعاصمة قبيلة الأنباط العربية البدوية، التي كانت تسكن جنوب الأردن، وكانت هذه القبيلة تعمل بالرعي، ثم اتجهت للتجارة فصارت القوافل التجارية المحملة بالحرير، والتوابل، والزجاج الفاخر، واللؤلؤ تأتي إلى مدينتهم البتراء من حضارات الدول المحيطة بها، مما وفر لهم ثروة هائلة أغرت الروم لمهاجمتهم طمعا في الاستيلاء على تلك الثروات والكنوز، إلا أن الأنباط استطاعوا صد عدوان الروم، وعملوا على توسيع مملكتهم وبناء مدينتهم الفريدة، لكن الرومان أعادوا المحاولة واستطاعوا بالفعل القضاء على مملكة الأنباط والاستيلاء على البتراء عام 105م، وأطلقوا عليها حينذاك المقاطعة العربية. وفي عام 636 خضعت البتراء للحكم العربي، وعاش من تبقى من سكانها على الزراعة إلى أن تعرضت المدينة في عام 748 لزلزال عنيف أثر على معالم الحياة فيها، فهجرها سكانها وبقيت خاوية. اختفت البتراء من الخرائط والذاكرة البشرية حتى عام 1812 عندما زارها عالم الآثار السويسري بوكهارت، وكتب عنها كتابا لفت أنظار العالم لآثارها الفريدة. ما يميز مدينة البتراء أنها المدينة الأثرية الوحيدة في العالم، التي لا تزال موجودة بأكملها تقريبا، كما أن معظم مبانيها محفورة أو منحوتة في الصخر، لذلك يطلق عليها المدينة الحجرية، حيث يعني اسم بتراء باللغة التي كان يتكلم بها الأنباط حجر. يعد السيق أو كما يطلق عليه باللغة العربية الشق أو الدهليز، من أبرز آثار تلك المدينة، فهو عبارة عن ممر بين صخرتين يبلغ طوله حوالي 1200 متر، وعرضه مترين، وارتفاعه 100 متر، ويعد المدخل الرئيسي للمدينة، ويتميز بطريقه المتعرج الملتوي الذي يضيق ويتسع بشكل رائع، كما تتزين جوانبه الصخرية بالعديد من الرسوم والنقوش المكتوبة بلغة الأنباط. هناك أيضا الخزنة، التي تعد من الآثار التي لا يوجد لها مثيل في العالم، فهي بناء منحوت في الصخر يبلغ ارتفاعه حوالي 49 مترا، عرضه 28 مترا، يتكون من طابقين، يرتكز الطابق السفلي على 6 أعمدة صخرية، بينما يوجد في العلوي شرفة طويلة مزينة بعدة تصاميم ورسوم لزهور، وثمار ونسور، وجميعها منحوتة في الصخر. أطلق سكان المدينة قديما على هذا البناء خزنة فرعون لاعتقادهم أن فرعون وضع كنوزه في جرة موجودة في مكان ما بالطابق الثاني للبناء. يتجول الزوار داخل المدينة على الأقدام أو على ظهر الخيول أو داخل عربات تجرها الخيول، مما يحفظ للمدينة طابع البداوة القديم.

ليست هناك تعليقات: