الجمعة، 23 مارس 2012

قصة لن يفهمها جيل سبونج بوب

الساعة الرابعة عصراً..بعد شجار سريع على المواقع الاستراتيجية.. يتخذ الجميع وضعية الاستلقاء أمام التلفاز مع بدء البث التلفزيوني.. آيات من القرآن الكريم ثم السلام الوطني ثم فقرة الأحبة الصغار.. يتزامن ذلك مع وصول “بابو” راعي الدكان محملاً بالمؤونة.. شيبس عمان.. لبن أب وأريج.. بسكوت “بو صوره”..


ونعيش (ساعة كاملة) نضحك من قلوبنا على سخافة توم وجيري.. نبكي تأثراً مع سالي.. نصرخ حماساً مع كابتن ماجد.. نستمتع بمغامرات بومبو.. ونكره الآنسة منشن.. يشاركنا جلستنا ومتعتنا الأب والأم وهم يرتشفون شاي العصر يشاهدون مانشاهد ويعلقون ويناقشون ويضحكون.. وما أن تنتهي ساعتنا حتى ننطلق إلى اللعب ثم العشاء ثم النوم باكراً.


كان هذا مشهداً يتكرر كل عصرية تقريباً في كل بيت خليجي منذ سنوات مضت..قبل انتشار الطبق اللاقط المعروف ب”الدش” والذي أدى إلى “انهمار” القنوات التلفزيونية على شاشاتنا..وتحولت “ساعة الأحبة الصغار” إلى ساعات ثم إلى قنوات لاتعد ولاتحصى.

في البداية كانت القنوات المخصصة للأطفال “فتحاً” من الفتوحات الترفيهيه العظيمة.. يتسمر الصغار أمام الشاشات التي تأخذهم الى عوالم المتعة والخيال.. مما ضمن للوالدين انشغال الصغار عن “الشطانة” والعبث.

توقفت الأم عن جولتها الهاتفية اليومية على بيوت الجيران وهي تبحث عن أبناءها وتطلب منهم العودة قبل أن يحل الظلام، وتوقف الأب عن جر أولاده من أكوام التراب والطين في السكة، سلمت “غنفات” المنزل وكراسيه من التحريك المستمر استعداداً للعبة “بيت بيوت”، صدأت جنازير “السياكل”، علت الأغبرة الدمى واللعب.. واختصرت متعة الأطفال في شاشة تبث الصور والأغاني والقصص للمتسمرين دون حراك أمامها.

ومع ظهور المعجزة الظريفة المعروفة ب “الريموت كنترول” إختفى حتى المشوار من الغنفة (الكنبة) إلى التلفاز لتغيير القناة أو تعديل الصوت، واختصرت الأنشطة الحركية إلى نقر متكرر بالإبهام للانتقال إلى قناة أطفال أخرى.

ضاق الآباء ذرعاً بالسيطرة الكاملة للأبناء على التلفاز.. فاضطروا إلى إضافة تلفاز آخر حتى يتسنى لهم مشاهدة نشرات الأخبار وبرامج الطبخ.. فأصبحت اللمة أمام التلفاز مع العائلة من النوادر.

مع تعدد القنوات أصبحت مشاهدة التلفاز حرب شعواء لايكاد يتفق فيها اثنان على قناة، ف”عليوه تبا تشوف الجاسوسات” و”رشود يبا بي بليد” والصغير عبادي “يبا سبونج بوب”..مما اضطر الأباء في خطوة قاتلة إلى نقل التلفزيونات إلى غرف النوم حتى يحصل الجميع على مراده..دون أدنى رقابة أو توجيه.

أعتقد أنكم في غنى عن سرد مضار سيطرة التلفاز على عقول وقلوب أطفالنا..لكني سأطلب منكم اخراج هذه الأجهزة من غرف النوم أولاً..ثم جعل وقت التلفاز محدداً حتى لو اضطررتم إلى حذف قنوات الصغار والابقاء على واحده أو اثنتان..ثم استعيدوا لمة العائلة أمام هذا السيل التلفزيوني. التلفاز أداة نحسن أو نفشل في استخدامها.

لمن سيسألني عن سالي والآنسة منشن!! هذه قصة لن يفهمها جيل سبونج بوب.

ليست هناك تعليقات: