الاثنين، 17 فبراير 2014

اللبن

عندما يخرج المولود من بطن أمه، لا تكون لديه أسنان يقضم ويمضغ بها الطعام الذي يتناوله الكبار في سهولة، كما أن جهازه الهضمي لا يكون قادرا على هضم هذا الطعام. ومع ذلك يجد الطعام المناسب له في انتظاره، وبعد ولادته بدقائق يتناول أول وجبة في حياته، حيث يبدأ في رضاعة لبن الأم. سواء كان هذا المولود إنسانا أو مولودا لأحد الحيوانات التي تضع وترضع صغارها، والتي نسميها الحيوانات الثديية. والوجبات الأولى من لبن الرضاعة تحتوي أيضا على أجسام مضادة للأمراض توفر للرضيع درجة كبيرة من المناعة ضد الأمراض المختلفة، بالإضافة للعناصر الغذائية التي تختلف وتتعدد بين الإنسان والحيوانات الثديية الأخرى، ولكنها في جميع الأحوال تحتوي على الدهون والبروتينات والكالسيوم وفيتامين سي، وكلها عناصر ضرورية لنمو جسم الرضيع وسلامة صحته. الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستمر في تناول اللبن بعد أن يفطم عن رضاعة لبن الأم، وهو يحصل عليه من عديد من الحيوانات المستأنسة ذات الحافر مثل الأبقار والجاموس والأغنام والماعز والإبل، وبعض الشعوب تتناول لبن الخيول والحمير، ولكن الأبقار هي المصدر الرئيسي للبن الذي يستهلكه الإنسان، ورغم الأهمية الخاصة لكوب اللبن الحليب الذي نشربة كل صباح، إلا أننا نمد أجسامنا باللبن أيضا عند تناول أغذية عديدة أخرى يطلق عليها منتجات الألبان، مثل الجبن والزبد والقشدة والكريمة والزبادي والآيس كريم. الهند هي أكبر دولة منتجة للبن في العالم ويصل إنتاجها إلى حوالي 92 مليون طن سنويا. وهي تعادل 368 ألف مليون كوب من اللبن. والمواطن الفنلندي هو أكبر مستهلك للبن ومنتجاته، حيث يستهلك سنويا حوالي 184 لتر من اللبن الحليب، وحوالي 20 كيلوجراما من الجبن، و 5 كيلوجرامات من الزبد. اللبن طعام الصغار والكبار، ومصدر للطاقة والعناصر الغذائية المتعددة، عرفه الإنسان منذ قديم الزمان، وتفنن في طرق حفظه وتصنيع أطعمة كثيرة منه، لذلك لا تخلو مائدة من اللبن أو أحد منتجاته، فخو أيضا طعام الغني والفقير. اللبن من أغنى الأغذية بالعناصر الغذائية الضرورية لنمو الجسم وصحته وسلامته، فهو يحتوي على أنواع متعددة من فيتامين ب الضروري لسلامة القلب والأوعية الدموية وإمداد جسم الإنسان بالطاقة، وللمحافظة على قوة الذاكرة، كما يحتوي على فيتامين د وفيتامين ج اللازمين لصحة العضام، وفيتامين أ الضروري لحماية جهاز المناعة، وعلى مجموعة كبيرة من المعادن والأملاح مثل الأيودين الذي يساعد الغدة الدرقية على القيام بوظائفها بكفاءة، والبوتاسيوم والماغنيسيوم اللذين يحافظان على صحة القلب والأوعية الدموية، والسيلينيوم وهو عنصر واق من مرض السرطان. كما أثبتت الأبحاث الطبية أن الأشخاص الذين يشربون اللبن بانتظام يكونون أقل عرضة الإصابة بمرض السكر وأكثر مقاومة للإصابة بالسمنة، ومع ذلك ينصح الأطباء وخبراء التغذية بعدم الإسراف في تناول منتجات الألبان الغنية بالدهون مثل الزبد والقشدة والآيس كريم، وبالإكثار من شرب اللبن الخالي من الدسم أو المنخفض الدسم. اللبن من الأغذية التي تتعرض للفساد بسرعة، لذلك ابتكر الإنسان وسائل عديدة للمحافظة عليه لأطول فترة ممكنة، وأكثر هذه الطرق انتشارا هو البسترة حيث يتم تسخين اللبن إلى درجة حرارة معينة حوالي 72 درجة مئوية ثم تبريده. وبسترة اللبن لا تؤدي إلى قتل كل البكتيريا والميكروبات الموجودة فيه، ولكنها تجعله يظل صالحا للاستعمال الآدمي لمدة معينة شرط أن يحفظ في درجة حرارة منخفضة كدرجة حرارة الثلاجة، لذلك لا تنس عندما تشتري اللبن المبستر أن تتأكد أولا من تاريخ انتهاء الصلاحية المكتوب على العبوة. ومن الطرق الخرى لحفظ اللبن عملية التعقيم حيث يتم غلي اللبن حتى درجة حرارة مرتفعة جدا 138 درجة مئوية تضمن القضاء على ما به من كائنات دقيقة، ويكمن بعد ذلك حفظ اللبن في عبوات دون ضرورة لوضعه داخل الثلاجة. الجبن هو أهم منتجات الألبان وأكثرها انتشارا وشعبية، والإنسان يصنع الجبن ويأكله منذ خمسة آلاف عام على الأقل، والخطوة الأولى لصناعة أي نوع من الجبن هي إضافة المنفحة إلى اللبن الحليب، والمنفحة هي مادة تستخرج من معدة إحد الحيوانات المجترة كالقر أو الماعز، وهي تؤدي إلى تخثر اللبن أي انفصاله إلى مادتين، إحداهما شبه صلبة، والثانية مادة سائلة تسمى المصل أو الشرش، والمادة شبه الصلبة هي المادة الخام لكل أنواع الجبن التي تصل إلى مئات الأنواع. والجبن في النهاية هو نوع من اللبن المركز، لذلك فهو يحتوي على نفس القيمة الغذائية للبن من بروتينات ودهون وكالسيوم وفوسفور ومعادن وأملاح مفيدة أخرى. وهذه المكونات تقلل من تىكل طبقة المينا التي تغلف الأسنان، وتساعد على إفراز اللعاب الذي يخلص الفم من السكر والأحماض، والجبن أيضا يساعد على النوم الهادئ العميق. 

ليست هناك تعليقات: