الأربعاء، 7 مايو 2014

الذرة

الذرة هي أصغر جزء يمكن أن ينقسم إليه أي عنصر و يظل محتفظاً بمواصفات هذا العنصر، بمعنى أن ذرة الأوكسجين تحتفظ بكل مواصفات الأوكسجين و أهمها أنه عنصر يساعد على الاشتعال، و ذرة الهيليوم تحمل كل مواصفات الهيليوم و هي أنه عنصر خامل تتكون الذرة من نواة يدور حولها عدد من الجسيمات تسمى إلكترونات يختلف عددها من عنصر لآخر، و تتكون النواة من البروتونات و النيوترونات، و الإلكترون يحمل شحنة كهربائية سالبة، و البروتون يحمل شحنة كهربائية موجبة، أما النيوترون فهو متعادل بمعنى أنه لا يحمل شحنة سالبة أو موجبة. و هذا الاختلاف بين الشحنة الموجبة للنواة و الشحنة السالبة و للإلكترونات هو الذي يحافظ على تماسك الذرة و يمنعها من التفتت و العناصر الموجودة في الطبيعة تتكون من جزيئات كل جزيء يتكون من عدد من الذرات، فالأوكسجين مثلاً يتكون من جزيئات كل منها يحتوي على ذرتين متحدتين، ظل العلماء سنين طويلة يعتقدون أن الذرة لا يمكن تفتيتها، إلى أن نجحت تجربة لتحقيق الانشطار النووي في إيطاليا سنة 1934، والمقصود بالانشطار الذري هو تفتيت نواة الذرة إلى أجزاء أصغر، وعندما يحدث الانشطار النووي في العناصر التي تسمى العناصر الثقيلة مثل اليورانيوم تنتج طاقة ترفع من درجة حرارة المنطقة المحيطة بعملية الانشطار بدرجات كبيرة جدا، كما تنتج إشعاعات خطيرة يستمر مفعولها المدمر على الصحة الكائنات الحية لسنوات طويلة. ومن المؤسف أن أول استخدام الانشطار النووي كان في صنع الأسلحة النووية التي لها قدرة ضخمة على تدمير والقتل، فقرب نهاية الحرب العالمية الثانية ألقيت قنبلتان نوويتان على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان في شهر أغسطس 1945، نتج عنهما قتل 220 ألف إنسان معظمهم من المدنيين، كما مات ألاف غيرهم فيما بعد متأثرين بجراحهم، أو نتيجة لتعرضهم للإشعاع النووي. الاندماج النووي هو عملية عكس الانشطار النووي، حيث يمكن دمج ذرتين من أحد العناصر الخفيفة وخصوصا الهيدروجين مع بعضهما، وينتج عن هذه العملية طاقة حرارية هائلة يمكن استخدامها في توليد الكهرباء. هناك نوعان من الاندماج النووي، الأول هو الاندماج الساخن ويحتاج إلى درجة حرارة تصل إلى مليون درجة مئوية، وتجري التجارب لتنفيذه منذ أكثر من خمسين عاما، أما الثاني فيسمى الاندماج البارد، ويأمل العلماء في إمكانية تحقيقه في درجة حرارة الجو العادية. ويرى العلماء أن الوصول إلى الاندماج الساخن أسهل، ويأملون في تطبيقه على نطاق واسع خلال خمسين عاما، كما يقولون إنه يمكن أن يوفر وقودا يكفي العالم ألف سنة، ويتميز الاندماج النووي بأنه لا يولد إشعاعات نووية مضرة بالإنسان والطبيعة كالانشطار النووي. ولا توجد حاليا أسلحة تعتمد على الاندماج النووي رغم إجراء الكثير من التجارب في هذا المجال. الطاقة النووية ليست كلها شرا، بل على العكس يمكن أن تتحول إلى خير وفير يعم البشرية كلها، إذا وجهها الإنسان لبناء التنمية والرفاهية وليس للحرب والتدمير، وهناك بالفعل مجالات متعددة تستخدم فيها حاليا الطاقة النووية للأغراض السليمة، فالطاقة الحرارية التي تنتج عن الانشطار النووي تستخدم في توليد بخار الماء الذي يدفع توربينات كبيرة تستخدم في توليد الكهرباء أو في تشغيل الالات مباشرة، أو في تحلية مياه البحار، كما تستخدم الطاقة النووية في تشغيل بعض أنواع السفن مثل كاسحات الجليد. وفي وقتنا الحالي يتم توليد كهرباء من الطاقة النووية تعادل حوالي 16% من الكهرباء المولدة في العالم. ويوجد الآن في العالم 439 مفاعلا نوويا سلميا منتشرة في 31 دولة. والمفاعل النووي هو منشأة ضخمة تتم في داخلها عملية الانشطار النووي التي تكلمنا عنها. إذا لم يتم اتخاذ احتياطات امان كافية وحازمة عند استخدام الطاقة النووية، فإنها يمكن أن تمثل خطرا كبيرا على البيئة والإنسان. فعملية الانشطار النووي التي تتم داخل المفاعل النووي ينتج عنها إشعاعات نووية خطيرة، وإذا تسربت هذه الإشعاعات خارج المفاعل، فإنها تسبب أضرارا صحية وبيئية خطيرة، كما أن العناصر التي تستخدم في إحداث الانشطار داخل المفاعل والتي يطلق عليها الوقود النووي مثل اليورانيوم والبلوتونيوم تنتج عنها مخلفات تسمى المخلفات النووية، والتخلص من هذه المخلفات النووية يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للبيئة بسبب الإشعاعات النووية الخطيرة التي تصدر عنها. وأهم الطرق المستخدمة حاليا للتخلص من المخلفات النووية هي دفنها على أعماق بعيدة تحت سطح الأرض وفي مناطق خالية من العمران. ويرى العلماء أن الطاقة النووية أقل تلويثا للبيئة من الوقود الحفري بشرط ضمان عدم تسرب الإشعاع النووي إلى البيئة المحيطة. تقول الأرقام أن 80% من الكهرباء المولدة في فرنسا تأتي من الطاقة النووية، وإن الهند لديها 15 مفاعلا نوويا وتقوم ببناء ثمانية مفاعلات أخرى، والصين أيضا لديها تسعة مفاعلات وتقوم ببناء مفاعلات أخرى جديدة، ولا يتوقف العالم عن بناء المفاعلات النووية السليمة كل يوم، والأهم من ذلك أن العلم يتوصل باستمرار لأساليب جديدة لتخفيض تكاليف إنشاء المفاعلات النووية، ولزيادة درجة الأمان فيها، ولرفع كفاءتها بمعنى زيادة كمية الطاقة التي يمكن إنتاجها بنفس الكمية من الوقود النووي، ولا تتوقف الأبحاث العلمية يوما واحدا من أجل ابتكار تكنولوجيا متطورة تستفيد منها الأجيال القادمة، وعلى سبيل المثال تتعاون الولايات المتحدة وأوروبا واليابان لتنفيذ مشروع يحقق حلم الاندماج النووي، سوف يكون موقعه في فرنسا أو اليابان.

ليست هناك تعليقات: