السبت، 17 يناير 2015

جائزة نوبل

جائزة نوبل من أشهر وأقدم الجوائز العالمية، وأكبرها قيمة، سواء من حيث قيمتها المادية، أو المعنوية. ولد ألفريد نوبل يوم 21 من أكتوبر عام 1833 في ستوكهولم عاصمة السويد، وتلقى دراسته على يد أفضل المدرسين في علوم الطبيعة والكيمياء واللغات ولآداب في بطرسبرج، وحين بلغ 17 من عمره كان قد أتقن خمس لغات. اتجه اهتمامه إلى الأدب الإنجليزي وتأليف الشعر، إلا أن أباه لم يكن راضيا عن اهتماماته، وأراد إلحاقه بمشاريعه في الهندسة المدنية، فأرسله إلى الخارج ليواصل تعليمه في علم الكيمياء. بعد أن تعمق ألفريد في علم الكيمياء، عمل مع زميله الإيطالي وتوصل إلى تحضير سائل النيترو جليسرين شديد الانفجار. عندما تدهورت أحوال عائلته المادية، عاد ألفريد إلى ستوكهولم، وأسس مع والده مصنعا للمتفجرات، لكنه انفجر وتسبب في مقتل الخ الصغر الى ألفريد نوبل، وترك هذا الحادث ألما شديدا في نفسه. اخترع الديناميت عام 1866، وجنى من اختراعه أموالا طائلة، إلا أن استخدام الناس لاختراعه في الحروب والمنازعات شوه صورته، وغير من هدف اختراعه الذي صنعه لاستخراج خيرات المناجم. بدأت الصحافة في مهاجمته في أوروبا حتى أن البعض أطلق عليه لقب صانع الموت، لأنه صنع شهرته وثروته من صناعة المفرقعات التي استخدمت في الحروب على نطاق واسع. واجه الفريد هذه الحملات ورسم لنفسه صورة معاكسة تماما، وأعلن أنه كان يحلم دائما بنهاية الحروب، وأن يعم السلام بين الأمم، وزعم أنه كان يرى في الديناميت أملا في رخاء وسعادة البشرية من خلال استخدامه في حفر المناجم واستخراج الثروات الطبيعية من باطن الأرض، إلى جانب حفر الأنفاق وشق القنوات والطرق لتسهيل التجارة والاتصالات بين البشر. توفي ألفريد نوبل في 10 ديسمبر سنة 1896م في مدينة سان ريمو الإيطالية، وخلف وراءه ثروة طائلة قدرت بنحو 150 مليون دولار. أوصى باستثمار الجانب الأكبر من ثروته في مشروعات ربحية، ومن ريعها تمنح خمس جوائز سنوية لأكثر من أفاد البشرية في خمس مجالات حددها: وهي مجال الكيمياء، والفيزياء، والطب أو الفيسيولوجيا، والأدب، والسلام العالمي. كما أوصى نوبل برغبته في أن يكون الاختيار للجوائز نزيها، وأن تمنح الجوائز لمن هو أكثر استحقاقا بغض النظر عن جنسية المرشح. بدأ تقديم جوائز نوبل لأول مرة عام 1901م، يوم ذكرى وفاته في 10 ديسمبر، ومنذ ذلك الحين يتم توزيع الجوائز في السويد، ويشرف ملك السويد بنفسه على تسليم جوائز نوبل في الكيمياء والفيزياء والأدب والطب لأصحابها، أما جائزة السلام فيتم تسليمها في قاعة مجلس مدينة أوسلو بالنرويج وفقا لبنود وصية ألفرد نوبل. جائزة نوبل عبارة عن مبلغ مالي كبير تضاعفت قيمته من ثلاثين ألف دولار في السنوات الأولى للجائزة، ووصلت إلى 700 ألف دولار في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، إلى أن بلغت قيمة الجائزة المادية حاليا نحو مليون دولار يتسلمها الفائز من خلال شيك بقيمة الجائزة، ويمنح معه ميدالية ذهبية، مرسوما عليها صورة ألفريد نوبل، وشهادة تقدير. أضيفت لجوائز نوبل جائزة سادسة في الاقتصاد عام 1969، يقوم البنك المركزي السويدي بمنحها. منذ بداية توزيع الجائزة عام 1901 وحتى عام 2007، أي طوال قرن من الزمان، لم يفز بالجائزة مرتين سوى أربعة علماء هم: العالمة الفرنسية ماري كوري، أو مدام كوري عام 1903 في الفيزياء، وذلك مناصفة مع زوجها بيير كوري، وفازت بها مرة أخرى منفردة عام 1911 في الكيمياء. وفي عام 1954 فاز بها عالم الكيمياء الأمريكي ليناس باولنج ثم فاز بها مجددا عام 1962. وفي عام 1956 فاز عالم الفيزياء الأمريكي جون باردين بجائزة نوبل ومرة أخرى عام 1972، أما عالم الكيمياء الإنجليزي فريدريك سانجر ففاز بها عامي 1958، 1980. على مدى قرن من الزمان منحت جائزة نوبل لـ 20 منظمة و 777فردا منهم 34 امرأة فقط، وعلى الرغم من ضخامة المبلغ المالي المقدم ضمن الجائزة، وهو مليون دولار، فقد رفضها البعض وعلى رأسهم جان بول سارتر عام 1964، بدعوى أنه كان دائما يرفض التقدير من أية جهات رسمية، كما رفضها لو دوك ثو عام 1973 عندما منح جائزة نوبل للسلام بالاشتراك مع وزير خارجة الولايات المتحدة هنري كيسنجر، مشيرا إلى أن الوضع في فيتنام يمنعه من قبولها. أما بوريس باسترناك الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1958، ففي البداية قبل الجائزة، ولكنه أرغم لاحقا من قبل سلطات الاتحاد السوفييتي على رفضها. أما وليام لورانس براغ فهو أصغر من فاز بجائزة نوبل حتى يومنا هذا، حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عندما كان في الـ 25 من عمره، مناصفة مع والده. منذ بداية توزيع الجائزة عام 1901 وحتى عام 2007، فاز العرب بالجائزة خمس مرات. وأول من فاز بجائزة نوبل كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات، حيث حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1978 مناصفة مع رئيس وزراء إسرائيل، وذلك بعد التوصل إلى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في كامب ديفيد عام 1978. في عام 1988، حصل الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للأدب عن أعماله الأدبية التي صور من خلالها واقع الحارة المصرية في القاهرة. أما المرة الثالثة التي حصل فيها أحد أبناء العرب على الجائزة فقد كانت في عام 1994، وهي المرة الوحيدة التي وزعت فيها إحدى جوائز نوبل على ثلاثة أشخاص، فقد فاز بثلث جائزة نوبل للسلام في ذلك العام الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وشاركه فيها رئيس وزراء إسرائيل، ووزير خارجية إسرائيل. وفي عام 1999، حصل العالم المصري الأصل الأمريكي الجنسية أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء، بعد توصله لاختراع كاميرا أطلق عليها الفيمتو ثانية، تصور عملية التفاعل الكيميائي. في أكتوبر عام 2005 حصل محمد البرادعي الرئيس الحالي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الوكالة، اعترافا بالجهود المبذولة من جانبهما لاحتواء انتشار الأسلحة النووية.

ليست هناك تعليقات: