الجمعة، 6 فبراير 2015

السياحة في الفضاء

السائح الفضائي سيشاهد من نافذة فندقه 15 غروبا للشمس في اليوم الواحد، نتيجة لاختلاف دوران الفندق الفضائي عن دوران كوكب الأرض، وسيطلق على أول فندق فضائي الجناح المجري والجناح هو الغرفة الواسعة الفاخرة، والمجرة هي حشد هائل من النجوم، ولن تكون الحياة داخل الجناح المجري بالنسبة للسائح الفضائي، مثل تلك التي تعود عليها فوق الأرض. فالجاذبية أقل بكثير وطريقة النوم مختلفة والملابس عجيبة لم يألفها السائح الفضائي. ولهذا يتم تدريبه في مراكز خاصة على الأرض، على تلك الحياة الجديدة، والغريبة حتى يستطيع أن يقضي إجازة سعيدة في الفندق الفضائي. يقع الفندق الفضائي الجناح المجري داخل محطة فضائية، تبدو معلقة على ارتفاع نحو أربعمائة كيلومتر في الفضاء. فما هي المحطة الفضائية؟ إنها استراحة فضائية، ومختبر لقياس قدرات البشر على البقاء في الفضاء فترات طويلة، تمهيدا لسفر الإنسان في رحلات أطول إلى الكواكب، كما أنها ستمكن رواد الفضاء من التزود بالوقود والأجهزة وقطع الغيار، بالإضافة إلى الطعام والماء والملابس.. وكذلك إجراء الأبحاث والتجارب العلمية والأرصاد الفلكية بعيدا عن الغلاف الجوي للأرض، الذي يعيق مثل هذه الأرصاد. الفندق عبارة عن أسطوانة ضخمة به تجهيزات للإقامة، وكذلك أجهزة ومعدات تحتاج كلها إلى طاقة كهربائية لتشغيلها، وجعلها قادرة على إعاشة السائحين الفضائيين وتلبية كل احتياجاتهم. ولا يعقل وضع مولدات كهربائية ضخمة أو بطاريات ذات أحجام كبيرة لتوليد الطاقة، كما نفعل على الأرض، لصعوبة نقلها إلى الفضاء. إذن فمن أين تستمد محطة الفضاء والفندق الطاقة اللازمة لتشغيلها؟ لقد وضع العلماء لوحات هائلة بها عدد كبير من الخلايا الشمسية، التي تعمل على استقبال أشعة الشمس، التي تسقط عليها وتحويلها إلى طاقة كهربائية. لابد أن يرتدي السائح الفضائي ملابس خاصة حتى يستطيع الحياة في الفضاء. كما أنه يتدرب لمدة طويلة فوق كوكب الأرض في ظروف مشابهة للفندق الفضائي حتى يتمكن من التأقلم والتكيف مع ظروف الجاذبية المنخفضة أو ما يطلق عليها حالة انعدام الوزن، وحالة انعدام الوزن تحد من الحركة العادية للسائح داخل الفندق الفضائي، ولابد أثناء انتقاله من مكان لآخر أن يكون متشقلبا رأسا على عقب! للتغلب على حالة انعدام الوزن داخل الفندق الفضائي، يمكن للسائح ارتداء حذاء خاص ممغنط يشده إلى السطح الذي يسير فوقه، أو تمد أنابيب يمكن أن يمسك بها أثناء حركته من مكان لآخر. ملابس السائح الفضائي لا تتكون من طبقة واحدة، بل قد يبلغ عدد طبقاتها عشرا، ومادة هذه الملابس ألياف خاصة توفر الدفء، كما أنها مضادة للحريق، وتعمل الطبقة الخارجية منها على الوقاية من الإشعاعات الفضائية وقذائف الشهب، إذا أراد السائح القيام برياضة السباحة في الفضاء. وتزود ملابسه بتجهيزات خاصة، مثل أسلاك الكهرباء تبعث الدفء حسب الرغبة، ومثل أكياس البلاستيك التي يمكن أن تستقبل فضلات الإنسان، التي تمر عبرها أجهزة طبية دقيقة تقيس ضغط الدم وإشارات المخ وأداء المعدة والأمعاء وغيرها. يستخدم مكوك الفضاء لتوصيل السائحين إلى الفنادق الفضائية التي تدور حول كوكب الأرض، أو المشيدة فوق أحد الكواكب. والمدينة الكوكبية التي تضم الفندق الفضائي، يتم تشييدها من مواد تستخرج من القمر أو من نفس الكوكب المقامة فوقه، أو من الكويكبات. وتبنى غالبا تحت التلال، بحيث تشكل فيها التربة درعا يقيها من أشعة الشمس والنيازك. أما الطاقة فمن الشمس، كما يمكن للرواد زراعة الخضراوات والفاكهة داخل دفيئة بيت زجاجي لزراعة النباتات ووقايتها فكر العلماء في وسائل رخيصة لنقل السائحين إلى الفنادق الفضائية سواء التي تدور حول الأرض أو المشيدة فوق الكواكب. من هذه الوسائل: المصعد الفضائي.. فما هو؟ تخيل العلماء كابلا عملاقا الكابل هو حبل غليظ من المعدن يتكون من حزمة من الأسلاك معزولة عن بعضها وحولها غلاف واق، يبلغ طوله 36 ألف كيلومتر، قاعدته مثبته بالقرب من خط استواء الأرض، وتمتد إلى هذه المسافة الهائلة وتبقى في مدار ثابت، ويربط طرفها الآخر في قمر صناعي يطلق لهذا السبب، حتى يكون الكابل مشدودا بين خط استواء الأرض والفضاء. يصنع كابل المصعد الفضائي من مادة تفوق الفولاذ صلابة بمائة مرة، وخفة بست مرات، ويطلق على هذه المادة أنابيب النانو، والنانو هو مقياس دقيق جدا يبلغ واحدا على ألف مليون من المتر. وتنطلق المركبات على المصعد الفضائي بسرعة هائلة تبلغ 6000 كيلومتر في الساعة، وذلك بقوة المغناطيسية، وهي لا تستخدم وقودا، وبالتالي تكون تكلفتها منخفضة نسبيا. أعد العلماء حلولا لكل مشاكل السائحين الفضائيين، من حيث توفير الماء اللازم للشرب والطعام والنوم والاستحمام والتخلص من الفضلات.. إلخ. ويضع قوائم طعام الفندق الفضائي، علماء متخصصون في التغذية حيث يلزم أن تكون الأطعمة من أنواع خاصة تستطيع أن تمد السائحين الفضائيين بالسعرات الحرارية اللازمة لأجسامهم، فضلا عن عدم تخلف كثير من الفضلات عنه، على أن تكون هذه الأطعمة مضغوطة داخل أنابيب كأنابيب معجون الأسنان، حتى لا تحتاج إلى عملية المضغ وبالتالي تكون سهلة الهضم. من الأطعمة التي يتناولها السائح الفضائي في صورة عجائن شبه سائلة، ويمكن امتصاصها بواسطة الفم: لحم الدجاج الأبيض والخضراوات المطهية، وكعك الفاكهة وغير ذلك، ويتم حفظها داخل وحدات تجميد وثلاجات تبريد، وتقدم وجبات الطعام في صحون عميقة على الصينية، يمكن تسخينها فوق فرن كهربائي. أما المشروبات ففي معلبات أو أكياس، ويقوم السائح بامتصاص محتوياتها بواسطة شفاطات حتى لا تتناثر قطراتها بسبب الجاذبية الضعيفة وتبقى معلقة في فراغ مطعم الفندق الفضائي. أما شرب الماء فمن خرطوم طوله نحو مترين ينتهي بمبسم يوضع في الفم، ويخرج الماء منه عند الضغط على ذراع خاصة. حتى النوم في الفندق الفضائي له نظام خاص، فلن يستطيع السائح أن يستلقي على سرير كما يحدث فوق كوكب الأرض، إذ لابد من تثبيت جسمه ببعض الأحزمة، حتى لا يرتفع جسمه في فراغ حجرة النوم بسبب انخفاض الجاذبية، ولهذا عليه أن ينام واقفا، وقد تدرب على ذلك على الأرض، والأمر ليس غريبا، لأن الفضاء ليس فيه وضع أفقي وآخر رأسي، فهذه كلها اتجاهات منسوبة للأرض، وينعدم معناها في الفضاء، في وجود الجاذبية الضعيفة، ويصبح وضع الاستلقاء لا معنى له أثناء النوم، لأننا نستلقي أثناء النوم، كي نتيح الفرصة لوصول قدر كبير من الدم إلى المخ. ولكن في الفضاء، يصل الدم إلى الأجزاء العليا من الجسم بدفعات القلب وحده، وعندما ينام السائح، فإن ملابسه تكون متصلة بأسلاك كهربائية تبعث إليه الدفء اللازم، وأخرى لقياس نبضه وإشارات مخه. في الفندق يمكن للسائح أن يستحم بالدخول إلى وعاء اسطواني من المعدن، تحيط به أنابيب مثقوبة من جميع الاتجاهات تنطلق منها المياه باندفاع، فتكون بمثابة دش يحيط بجسم السائح الفضائي، دون أن يتناثر الماء خارج الوعاء، وينساب الماء المتخلف من الاستحمام، إلى أوعية من البلاستيك ليخضع للتحليل الكيميائي للتعرف على بعض وظائف الجسم ومدى أدائه لوظائفه.

ليست هناك تعليقات: