السبت، 14 فبراير 2015

قصة البترول

البترول له قصة قديمة وطويلة مع اٌنسان.. فالمؤرخ والرحالة اليوناني هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، ذكر أن أهالي مدينة بابل العراقية القديمة، كانوا يستخدمون الأسفلت. وهو أحد مشتقات البترول. في بناء الحائط والأبراج منذ حوالي 2500 عام، وقد وجدت آثار كميات كبيرة من القطران على ضفاف نهر الفرات. كما تدل الكتابات الموجودة على الألواح الطينية الفارسية القديمة على أن الفرس القدماء كانوا يستخدمون القطران للإضاءة ولأغراض طبية مختلفة. واستخدم الصينيون البترول في القرن الرابع الميلادي لتبخير مياه البحر للحصول على الملح، كما استخدمه اليابانيون في القرن السابع الميلادي للإضاءة والتسخين. وكانت شوارع بغداد ترصف بالقطران في القرن الثامن الميلادي. وقد قام العالم الكيميائي أبو بكر الرازي في القرن التاسع الميلادي، بتقطير البترول الخام واستخرج منه الكيروسين. بدا التاريخ الحديث للبترول سنة 1846 عندما نجح استخراج الكيروسين منه على نطاق كبير. أما أول بئر بترول تجارية فقد حفرت في كندا سنة 1868. وأدى اختراع السيارات في نهايات القرن التاسع عشر إلى التوسع في استخدام الوقود المشتق من البترول. واليوم يستهلك العالم كل يوم أكثر من 80 مليون برميل من البترول، وأكبر ثلاث دول منتجة للبترول في العالم هي المملكة العربية السعودية وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد تجمعت ثلاث عشرة دولة منتجة للبترول، وكونت منظمة الدول المصدرة للبترول التي تعرف باسم منظمة أوبك، وتسهم بحوالي 42% من إنتاج العالم من البترول. ومن أعضاء هذه المنظمة سبع دول عربية هي السعودية والكويت والإمارات والعراق وقطر وليبيا والجزائر، كما يوجد 62.5% من احتياطي البترول العالمي في خمس دول عربية، هي السعودية والإمارات والعراق وقطر والكويت. الجيولوجيا هي علم يبحث في طبقات الأرض وما تحتويه من معادن وصخور ومكونات أخرى يقول علماء الجيولوجيا إن البترول الخام نشأ عن تعرض المواد العضوية لضغط وحرارة شديدين في أزمنة قديمة جدا تعود إلى ملايين السنين، والمقصود بالمواد العضوية هو أي مادة من أصل حيواني أو نباتي. وقد تكون البترول من البقايا الحيوانية والنباتية الموجودة بكميات كبيرة تحت سطح البحر أو البحيرات في ظل نقص الأوكسجين، عندما اختلطت تلك المواد العضوية بالطين الموجودة في القاع، ثم دفنت تحت طبقات كثيفة من الرواسب. من الناحية الكيميائية يتكون البترول من خليط من مجموعة كبيرة جدا من المواد الهيدروكربونية، أي التي تتكون جزيئاتها من الهيدروجين والكربون، ولأن المواد الهيدروكربونية أقل كثافة من الصخور والماء، فهي تتحرك صاعدة باتجاه سطح الأرض، فإما تندفع مكونة بركا سطحية، أو تظل محبوسة تحت الصخور التي تحجبها عن السطح. هل تعتقد أن البترول هو مجرد الوقود الذي نمون به سياراتنا؟ إذن هل سمعت عن شيء اسمه بتروكيماويات؟ إن البتروكيماويات هي مجموعة ضخمة من المواد الكيماوية التي يدخل في صناعتها البترول أو الغاز الطبيعي، وهذه المواد بدورها تدخل في صناعة معظم ما نستخدمه في حياتنا اليومية من وسائل وأدوات. فالبتروكيماويات تدخل في صناعة القلم الذي نكتب به، والحبر الذي طبعت به المجلة التي بين أيدينا، ومقعد البلاستيك الذي نجلس عليه، وإطارات السيارة وأسفلت الطريق، وحذائنا الرياضي والكرة التي نلعب بها، ونسبة كبيرة من مكونات الكمبيوتر، والكيس الذي نحتفظ فيه الغذاء داخل الثلاجة، والسماد الذي يخصب الأرض الزراعية، وأزرار ملابسنا، بل وبعض ملابسنا ذاتها. وهل تعلم أن معظم محطات توليد الكهرباء التي تنير بيوتنا وتشغل الأجهزة الكهربائية داخلها، وتشغل آلات المصانع في مدننا تعتمد على البترول؟ توجد آبار البترول في مساحات واسعة تسمى حقول البترول، وكل حقل يوجد به عدد من الآبار، وتستخدم شركات النفط وسائل علمية وتكنولوجية متقدمة، للكشف عن المناطق التي يوجد فيها البترول، سواء تحت سطح الأرض، أو تحت قاع البحار. وعند حفر الآبار يتدفق البترول الخام من أماكن تجمعه إلى السطح، بفعل ضغط المياه الجوفية التي توجد تحته، وأحيانا يتم حقن طبقات الأرض الواقعة تحت مكامن البترول بغازات أو سوائل معينة، لدفعه للتدفق إلى سطح الأرض، بعد ذلك ينقل البترول إلى منشأة ضخمة تسمى مصفاة البترول حيث يتم تكريره وتقطيره لتحويله إلى المنتجات البترولية التي نعرفها، مثل البنزين والكيروسين والقطران ومنتجات عديدة أخرى. ويتم نقل البترول إلى أسواق الاستهلاك بواسطة سفن عملاقة تسمى ناقلات البترول، وتصل حمولة بعضها إلى مئات الآلاف من الأطنان، أو عن طريق خطوط الأنابيب التي تمتد لآلاف الكيلومترات. البترول ينتمي إلى نوعية من الوقود تسمى الوقود الحفري وهي تضم البترول والغاز الطبيعي والفحم، وهذه الأنواع من الوقود تحتوي على نسبة كبيرة من الكربون، وعند احتراقها يتحد الكربون مع الأوكسجين الموجود في الجو، وينتج عن ذلك غاز ثاني أوكسيد الكربون. وقد أسهم التوسع الكبير في استخدام الوقود الحفري في العالم، في زيادة كميات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض عن المعدلات الطبيعية، وهذه الزيادة تسبب آثارا سلبية عديدة، أهمها الإضرار بالصحة العامة للإنسان، وانتشار أمراض الجهاز التنفسي، كما يشير العلماء إلى أن زيادة نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الجو تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، ويمكن أن يؤدي هذا إلى ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، ولو حدث هذا فسوف يرتفع مستوى سطح البحار والمحيطات لدرجة يمكن أن تهدد شواطئ ومدن دول كثيرة في العالم بالغرق. يصف العلماء أنواع الوقود الحفري بأنها طاقة غير متجددة، بمعنى أن ما نستهلكه منها لا يتم تعويضه، لذلك فسوف يأتي يوم ينتهي فيه رصيد العالم من هذه الطاقة، والعلماء غير متفقين على الزمن الذي يمكن أن ينتهي فيه رصيد العالم من البترول، فبعضهم يقدره بأربعين سنة، وبعضهم يقدره بأكثر من ذلك بكثير. وتهتم الجامعات ومراكز البحوث الكبرى بإجراء دراسات لتنمية مصادر أخرى للطاقة تسمى الطاقة المتجددة أي التي لا تنفد مهما استهلكنا منها، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومساقط المياه، والكحول المستخرج من نباتات معينة، كما تقوم الكثير من الدول بتخصيص ميزانيات ضخمة لتحسين الاستفادة من الطاقة المتجددة، وخفض أسعارها لتكون في متناول المستهلكين. وقد بدأت أنواع الطاقة المتجددة تنتشر بالفعل في الكثير من الدول المتقدمة. وأطلقت دولة الإمارات مبادرة طموحة لتنمية الطاقة المتجددة تتكلف مئات الملايين من الدولارات.

ليست هناك تعليقات: