الأحد، 12 أبريل 2009

أنغكور

في أعماق غابات شمال كمبوديا ترقد أطلال مدينة جميلة يعود تاريخ بنائها إلى آلاف السنين خلال حكم الخمير، وخم شعب قديم في منطقة جنوب شرق آسيا، كان حكامه من الهندوس الذين يعبدون كآلهة، استطاعوا في القرن السادس الميلادي الاستيلاء على مملكتي فونان وشتلا الهندوسيتين ثم قاموا بتأسيس أمبراطورية هندوسية واسعة، شملت مساحات واسعة من الأراضي التايلندية إلى جانب جميع أنحاء كمبوديا. ازدهرت أمبراطورية الخمير لمدة 600 عام، من القرن التاسع وحتى القرن الخامس عشر الميلادي، أنتجوا حضارة مميزة تجلت بوضوح في مدينة أنغكور التي اتخذوا منها عاصمة ومقرا لأمبراطوريتهم الواسعة، التي تعد من أشهرر المواقع التاريخية في العالم، لما تتميز به من معابد غاية في الإبداع والتصميم المعماري، هذا فضلا عن تماثيلها، وبحيراتها الشاسعة التي تعكس الأضواء، ومساحتها الكبيرة التي تمتد إلى أكثر من 400 كيلو متر مربع، لذا تعد أكبر موقع أثري في العالم. شيد حكام الخمير في مدينة أنغكور خلال تعاقب فترات حكمهم أكثر من ألف معبد ونظام معقد للري، من أشهر تلك المعابد معبد أنغكور وات الشهير، الذي شيده الملك سيرفان الثاني على شكل مستطيل، طوله أكثر من 850 مترا، وعرضه 1000 متر تقريبا، يتميز بفنائه الشاسع الذي تتوسطه خمسة أبراج شاهقة على شكل زهرات اللوتس، كما تزين أروقته وساحاته تماثيل وتصاميم منحوتة تحكي أساطير ومعتقدات الخمير. معبد أنغكور ثوم البوذي الذي شيده الملك جيا فارمان السابع يعد أيضا من المعابد المتميزة بالمدينة، لما يوجد به من أحجار صخرية ضخمة منحوتة على شكل رؤوس بشرية، تمثل في الأصل شكل وجه الملك جيا فارمان. عام 1369 بدأت تايلاند البلد المجاور لكمبوديا في شن هجمات متتالية على المدينة، إلى أن نجحوا عام 1444 في القضاء على الحكم الخمير، كما نهبوا الكثير من ثروات المدينة ثم تركوها، فهجر السكان المدينة وظلت مهجورة، مغمورة بين أشجار الغابات، معرضة للخطر جراء عمليات سلب ونهب الكنوز الموجودة بها إلى أن اكتشف وجودها عالم تاريخ الفرنسي هنري مو عام 1860، ووجه أنظار العالم إلى ما بها من كنوز تاريخية يجب المحافظة عليها، فأسندت السلطات الكمبودية عام 1908 مهمة حماية المنطقة إلى هيئة رسمية تتولى الدولة الإشراف الكامل عليها، في ظل ظروف عدم الاستقرار، والحروب الأهلية، والثروات التي اندلعت في المنطقة منذ عام 1970، وتعذر على الهيئة ممارسة عملها فتعرضت المدينة مجددا للإهمال والنهب، وراح اللصوص ينقلون ما بها من تماثيل ثمينة لبيعها خارج الأراضي الكمبودية. في عام 1992 أدرجت منطقة اليونسكو المدينة في قائمة التراث العالمي، كما تم وضعها على قائمة أكثر الأماكن التاريخية المعرضة للخطر جراء عمليات سرقة كنوزها، تقدمت العديد من الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها اليابان، بمشاريع ومبادرات تهدف إلى المحافظة على تراث هذه المدية الأثرية.

ليست هناك تعليقات: