الأحد، 14 فبراير 2010

لا للمخدرات


المخدرات يرفضها البعض بشدة في البداية الأمر إلى أن يقنعهم أصدقاؤهم أنها مجرد وسيلة فرفشة بسيطة لا تسبب الإدمان، بل تجعلهم أكثر قدرة على التركيز في المدرسة، واستيعاب ما يشرح لهم من معلومات، وبمرور الوقت يبدأ الإدمان بكميات بسيطة تتزايد وتتضاعف مع كل مرة، إلى أن تتدهور صحتهم ويهملوا دراستهم، وتستحوذ المخدرات على كل اهتمامهم، ويصبح كل منهم مدمن مخدرات. تتفاوت المخدرات في مستوى تأثيرها كمسكرات ومهدئات ومنشطات ومهلوسات، أو وفقا لطريقة إنتاجها، فهي إما مستخرجة من نباتات طبيعية كالحشيش والأفيون والهيروين والماريجوانا والكوكايين، أو اصطناعية كالمواد التي تستنشق مثل الأسيتون والجازولين. معظم أنواع المخدرات تسبب إدمانا نفسيا وعضويا، مثل الأفيون والمورفين والكوكايين والهيروين، والبعض الآخر يسبب إدمانا نفسيا مثل الحشيش. يبتكر المدمنون طرقا جديدة من وقت لآخر لتعاطي المخدرات، كالتدخين والحقن والشم أو ابتلاع الحبوب، متناسين التأثير الذي تتركه هذه المخدرات عليهم، فمدمن المخدرات يصاب بالخمول والكسل وفقدان المسؤولية، ويتحول إلى إنسان متهور، قد يتسبب في حوادث مرورية أو يلجأ إلى السرقة والقمار والقتل للحصول على المخدرات. كما يصبح المدمن أكثر عرضة من غيره للإصابة بأمراض نفسية مثل انفصام الشخصية، ولعل أخطر ما قد يصاب به المدمن هو مرض الإيدز بسبب استخدام حقن ملوثة. ويتسبب الانقطاع عن تعاطي بعض أنواع المخدرات كالأفيون والكوكايين والهيرويين دفعة واحدة أو على دفعات، في حدوث نكسة صحية وآلام مبرحة في جسم المدمن، لأن المادة المخدرة بالنسبة إلى المدمن كالماء والهواء للجسم السليم. وعندما لا يستطيع المدمن لسبب ما الاستمرار في تعاطي المخدرات، تظهر عليه بعض الأعراض التي تتفاوت في شدتها وطبيعتها من شخص لآخر، ومن خلال ملاحظة تلك الأعراض نستطيع معرفة المدمن، فمثلا عند التوقف عن تعاطي المورفين تظهر على المدمن بوادر القلق العنيف وتدمع عيناه باستمرار، ويظهر المريض وكأنه أصيب برشح حاد، ثم يتغير بؤبؤ العين، كما يصاحب كل ذلك ألم في الظهر وتقلص شديد في العضلات، مع ارتفاع في ضغط الدم وحرارة الجسم. يتزايد بين عام وآخر انتشار استخدام المخدرات بين الأطفال والشباب، انتشر استعمال الكوكايين في أنحاء مختلفة من العالم، كما انتشر الإقبال على الهيروين خاصة في أوروبا وشمال أفريقيا. أما في الدول العربية في فيشير بعض العلماء إلى أن التعاطي المخدرات غالبا ما ينتشر بين سن 12و17 عاما، أما بعد ال20 عاما، فتقل نسبة من يبدأون تعاطي أو إدمان المخدرات، ثم تتناقص النسبة تدريجيا بين 24 أو 30 عاما أو أكبر. تستخدم أساليب وحيل كثيرة لإغراء الأطفال والشباب بتعاطي المخدرات، فيلجأ مروجوها في بادئ الأمر إلى تزويدهم بالمخدرات مجانا لعدة مرات، إلى أن يدمنوها ولا يستطيعون الاستغناء عنها، وبذلك يصبح المدمن مضطرا إلى مختل الوسائل والسبل للحصول على النقود لشراء المخدرات، وقد يلجأ إلى ترويجها بنفسه لأطفال وشباب آخرين لحساب تجار المخدرات، ليحصل على جرعته منها. تجارة المخدرات هي التجارة الأخطر في العالم، وهناك إجتماع دولي على منعها ومكافحتها لما تسببه من أخطار كبيرة على المجتمعات البشرية، وعلى الرغم من هذا، هناك دول في العالم لديها رخصة دولية لزراعة المخدرات، وهذه الزراعة تكون بتنظيم ومراقبة من الحكومة ويباع المحصول في السوق الطبية الدولية. لكن هناك دولا أخرى تزرع المخدرات بدون رخصة، وهي بلغاريا وبورما والصين ولاوس وتايلند وأمريكا الجنوبية وأفغانستان، وزراعتها تستهدف سوق الاتجار والتعاطي عبر العالم، وهذه السوق تسيطر عليها الجريمة المنظمة الدولية. المخدرات تقلق جميع شعوب العالم من دون استثناء، حيث باتت خطرا يتربص بالشباب، نظرا لأضرارها الجسيمة على عقولهم وصحتهم، وما تؤدي إليه من جرائم وفساد أخلاقي. لهذا لجأت كافة الدول إلى سن القوانين وعقد الاتفاقيات المتعددة وتوقيع المعاهدات الدولية لإحباط عمليات إنتاج وتوزيع المخدرات، والحد من نشاط تجارها ومروجيها،وعلاج وتأهيل المدمنين. قررت الجمعية العمومية للأمم المتحدة أثناء انعقاد اجتماعها في فيينا في شهر يونيو عام 1987، أن يكون 26 من شهر يونيو من كل عام يوما دوليا لمكافحة المخدرات. تقوم حكومات الدول والجهات المعنية بالتحذير من مخاطر المخدرات ومحاربتها، عبر الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، وكذلك من خلال إقامة المعارض وإلقاء المحاضرات وعقد الندوات العلمية، بمشاركة العديد من المتعافين من الإدمان. الذين سقطوا في فخ المخدرات اللعين، أمامهم الفرصة للنجاة،إذا لجأوا إلى المصحات المتخصصة في أسرع وقت ممكن. يبدأ العلاج بتقييم لحالة المريض أو المدمن من مختلف الجوانب البدنية والنفسية والاجتماعية، قبل الانتقال إلى العلاج، الذي يتضمن إزالة السموم من جسمه لبدء طرق العلاج الفردية والجماعية من خلال لقاءات مع مدمنين سابقين، واتباع إجراءات الوقاية من الانتكاس لمنعه من العودة للإدمان. كما تتضمن مراكز التأهيل برامج تطوير المهارات الاجتماعية والمهنية لمرضى الإدمان، ونشاطات أخرى تساعدهم على التواصل مع المجتمع من حولهم. علاج الإدمان يعتمد على تغيير طبيعة حياة المدمن بصورة شاملة، وليس امتناعه عن تعاطي المخدرات فقط، لذا فإن الإقلاع عنها لن يتم إلا بتغيير نمط حياة الإنسان وطريقة تفكيره، ونظرته للأمور وتعامله مع مشاكله وكل أمور حياته، وإذا توافرت لديه الإرادة للإقلاع عن المخدرات والعلاج والدعم النفسي، يتحول الأمر إلى مسألة وقت ليتخلص المدمن من إدمانه.

ليست هناك تعليقات: