الجاحظ هو أبو عثمان بن بحر بن محبوب الكناني، لقب بالجاحظ لجحوظ عينيه، وكان قصير القامة دميم الوجه، لكنه كان خفيف الروح، حسن العشرة، ظريف النكات، يتهافت الناس إلى الاستماع بنوادره. ولد الجاحظ في البصرة بالعراق عام 776م ومات فيها عام 869م، وكان ميالا إلى التنقل باستمرار، دائما على السفر، من العراق إلى مصر إلى سوريا، يسرح ببصره وبصيرته حيثما يحل ويدون انطباعاته بأسلوب فكه رشيق. ولعل الميزة الرئيسية التي تفرد بها الجاحظ بين الكتاب في عصره، هي اتخاذه المجتمع مادة لقلمه، وكان لظروف حياته الخاصة التي أتاحت له أن يعايش كل فئة من فئات الشعب، وكذلك الحكام، أن جعلت من نتاجه أفضل وأصدق مرآة لعصره، خاصة وأنه تميز بدقة الملاحظة منذ حداثته. كان الجاحظ من الثقافة الموسوعية بحيث كتب في موضوعات شتى مثل العلم والأدب والسياسة والدين والفلسفة، ومن أهم كتبه الحيوان والبخلال والبيان والتبيين ورسالة التربيع والتدوير وغيرها. البخلاء دراسة أدبية فكهة وممتعة، جمع فيها الجاحظ أخبار البخلاء في عصره، من أهل البصرة بنوع خاص، وصور لنا نماذج حية ناطقة من أولئك الذين استهواهم المال بطريقة غير عادية، فصاروا أضحوكة الناس، ومدار تندرهم. أما هدف الجاحظ من تأليف هذا الكتاب، فهو سرد نوادر البخلاء وتفسير قصدهم من تسمية البخل إصلاحا والشح اقتصادا. استطاع ببراعة وبشكل تهكمي إلقاء الضوء على حقارة البخلاء، ليعظم سخاء العرب، عن طريق مقارنة النقيضين. في الوقت نفسه قام الجاحظ في كتاب البخلاء بالتعريف ببيئة عصره في شتى نواحيها، مما يعد مرجعا وثيقا لدراسة المجتمع العباسي، أثناء ازدهار بغداد والبصرة، وخصوصا من عهد الرشيد إلى عهد المتوكل أي أن كتاب البخلاء كانت له قيمتان، أدبية وتاريخية.
الجمعة، 18 ديسمبر 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق