في أوائل القرن الثالث عشر ظهرت أمبراطورية مالي القوية في غرب أفريقيا تحت زعامة الملك "مانسا مالي" الذي اعتنق الإسلام عام 1322 م ، توجه لزيارة مكة عام 1324 في موكب بهر العالم، حيث كان برفقته أكثر من 60 ألف رجل، يصطحبون معهم مئات الجمال المحملة بالذهب.
ازدهرت الإمبراطورية خلال حكم هذا الملك الذي اتخذ من مدينة "تيمبكتو" عاصمة لدولته، تمتعت تلك المدينة بأهمية تجارية كبيرة حيث كان التجار يخرجون منها بقوافلهم المحملة بالذهب، و جوز الكولا، و العبيد، و الملح إلى جميع بلاد العالم، بينما يعودون إليها محملين بالنحاس و القماش و التمور، و الحرير.
انهارت أمبراطورية "مانسا مالي" بعدما استطاع القائد "سوني علي" على تأسيس أمبراطورية "سونكاهي" في غرب أفريقيا عام 1446، ضم لها العديد من الدول الأفريقية الصغيرة، بالإضافة لمعظم أراضي دولة مالي القديمة، و من بينها مدينة تيمبكتو التي شهدت أوج فترات تقدمها وازدهارها في عهد حكام سونكاهي.
شهدت المدينة خلال تلك الفترة تقدماً كبيراً في مجال الفن و الثقافة الإسلامية، حيث أنشئ بها مركز للدراسات الإسلامية، أطلق عليه "جامعة سانكور للقرآن"، كان يدرس بها ما يزيد على 20 ألف طالب مختلف العلوم كالقانون، و الطب، و الهندسة، علاوة على علوم الفقه و تفسير القرآن. هذا علاوة على انتشار مدارس تعليم القرآن بها، التي كانت يزيد عددها على 18 مدرسة، لم يكن المعلمون يحصلون على أي أجر مقابل تعليم الطلبة، و إنما كانوا يحصلون في المقابل على وجبات طعام و مكان للإقامة، مما كان يتيح لهم تعليم القرآن خلال النهار أو الليل.
خظ مثقفو "تيمبكتو" أيضاً خلال تلك الفترة نصوصاً و مخطوطات رائعة الجمال، باللغة العربية عن الشعر، و الطب، و الشريعة، و علم الفلك، و التاريخ، بفضل طقس المدينة الجاف الخالي من الرطوبة، و لازال العديد من هذه المخطوطات موجوداً حتى اليوم، لدى بعض الأسر الفقيرة جداً التي تكاد لا تجد قوت يومها، و مع ذلك ترفض بيعها بأي ثمن، حيث يرونها إرثاً ثميناً تركه لهم أجدادهم، ينبغي لهم المحافظة عليه و عدم التفريط فيه لأنها ثروة لا تقدر بثمن.
تشتهر المدينة أيضاً بثلاثة مساجد يعود تاريخها للقرن الرابع عشر، و مازالت موجودة حتى اليوم و هي مسجد سانكور، و سيدي يحيى، و مسجد ديجاربري.
تضاءلت مكانة تيمبكتو كمركز للتجارة و التعليم بإنهيار الامبراطورية السونكاهية على يد القائد المغربي "المنصور" الذي ألحق بالجيش السونكاهي هزيمة نكراء في معركة "تونديبي"، ثم زاد الإستعمار الفرنسي الذي غزا مالي أواخر القرن التاسع عشر، و ظهور الحروب الأهلية بين جماعات متفرقة بالدولة، من فقر المدينة.
يعيش في تيمبكتو اليوم حوالي 30 ألف نسمة، معظمهم يعتمد على المساعدات الخارجية من الدول المحيطة، بالإضافة إلى أرباح ضئيلة تدرها عليهم تجارة الطوب، و السياحة.
عام 1988 سجلت اليونسكو المدينة كأشهر المدن التاريخية في العالم، كما تم وضعها عام 1990 على لائحة المدن الأكثر تعرضاً للخطر نتيجة الفقر و المجاعة التي تجتاح سكانها.
السبت، 18 يونيو 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق