الاثنين، 8 أغسطس 2011

جامع عمرو بن العاص

بعد أن تم الفتح الإسلامي لمصر في الأول من محرم عام 20 هجرية، الموافق 8 نوفمبر عام 641م، شرع القائد العسكري والصحابي الجليل عمرو بن العاص في تأسيس مدينة الفسطاط لتكون أول عاصمة إسلامية لمصر، ثم قام بتشييد مسجد بها يحمل إسمه، ويعد أول مسجد في مصر وأفريقيا كلها، والرابع في الإسلام بعد المسجد النبوي، ومسجدي البصرة والكوفة في العراق. تم إنشاء المسجد على أرض كانت بها حديقة، تبرع بها رجل من الأثرياء يدعى قيسبة بن كلثوم، كان المسجد يشرف على النيل، شارك في بنائه أربعة من الصحابة منهم الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري، وأبو بصرة في حين قام الصحابي الكريم الزبير بن العوام بتحديد قبلة المسجد. حمل المسجد بالإضافة إلى إسم بانيه العديد من السماء مثل جامع الفتح، المسجد العتيق، تاج الجوامع، مسجد النصر. بلغت المساحة الكلية للمسجد عند إنشائه حوالي 375 مترا مربعا، كانت جدرانه من الطوب اللبن، سقفه محمول على جذوع النخل، لم يكن له محراب أو منبر مجوف أو مئذنة، كما كانت أرضيته مفروشة بالحصير، ولم يكن له صحن يتوسطه. لم يقتصر نشاط المسجد منذ إنشائه على أداء الفرائض الدينية فحسب، بل كان يضم محكمة لفض المنازعات بين الناس، كما كان يوجد به بيت مال مخصص لليتامى، هذا بالإضافة للدور العلمي البارز الذي أسهم به لنشر العلوم الإسلامية والفقهية من خلال حلقات الدرس المنتظمة لكبار أئمة الفقه الإسلامي، مثل الإمام الشافعي، الإمام المالكي، وما زال المسجد حتى اليوم يعد بمثابة قلعة للثقافة الإسلامية، لما تحفل به أروقته وساحاته من محاضرات ودروس دينية أسبوعية لكبار دعاة الفكر الإسلامي، كما يحفل بالعديد من الأنشطة الاجتماعية التي تهدف إلى خدمة المجتمع مثل فصول التقوية، ومقرأة أسبوعية للقرآن، ولجنة الزكاة. شهد المسجد منذ إنشائه العديد من التوسعات والإصلاحات التي تسابق ولاة مصر على اختلاف عصورهم لإضافتها له، ليتناسب مع مكانه ومع الدور العلمي الجليل الذي يقوم به، حتى تعرضت بلاد المسلمين للغزو الصليبي عام 564 هجرية، فخاف المسلمون من احتلال الصليبيين لمدينة الفسطاط والمسجد فقام أحد وزراء الدولة الفاطمية الذي كان يدعى شاور بإشعال النار في المدينة لعدم قدرته على حمايته فاحترقت المدينة والمسجد بعد أن استمرت النار متأججة بها لمدة 40 يوما متواصلة حتى أتت على كل ما فيها. وبعد أن قام صلاح الدين الأيوبي بسحق الصليبيين وهزيمتهم، حرص على إعادة إعمار وبناء المسجد من جديد، فأعاد تشييد صدر المسجد، المحراب، الأعمدة التي بلغ عددها أكثر من 400 عمود، كما غطى الجدران والأعمدة بالرخام الأبيض الفاخر، ونقش عليها عدة نقوش قرآنية ونقوشا أخرى من بينها إسمه، وكسا الأرضيات بعشر طبقات من الحصير الملون. تبلغ مساحة المسجد الحالية حوالي 13200 متر مربع، واشتهر بقناديله التي كان عددها أكثر من 700 قنديل، يوجد منها اليوم حوالي 100 قنديل تضاء في المواسم والأعياد الدينية.

ليست هناك تعليقات: