الأحد، 24 يوليو 2011

النظارات

تعد النظارة بنوعيها الشمسية والطبية من الاختراعات المدهشة التي استفاد منها الإنسان أقصى استفادة. منحته النظارة الشمسية الحماية من أشعة الشمس الضارة، كما أعطت لمظهره جاذبية وأناقة، في حين استطاعة النظارة الطبية علاج مشاكل النظر، فمنحته رؤية أفضل، مكنته من القيام بجميع أنشطة حياته بسهولة. لم تكن النظارة ضرورية للناس قبل آلاف السنين، فالعمل لم يكن يتطلب قوة إبصار حادة، كما أن الغالبية العظمى منهم كانت تجهل القراءة، ومع تطور البشرية، ظهرت مشاكل ملازمة لذلك التطور، منها مشاكل النظر التي استخدم الناس لعلاجها وسائل بديلة عن النظارات، فكان نيرون أمبراطور روما ينظر عبر خاتمه الزجاجي إلى حلبة المسرح ليرى بشكل أفضل، كما استخدم الناس في أوروبا قديما حجر القراءة كان عبارة عن قطعة مقوسة من الكريستال أو الزجاج، توضع مباشرة على الورقة المراد قراءتها. يعد روجر باكون الإنجليزي أول من استخدم هذه الطريقة للتغلب على مشاكل القراءة لديه عام 1268م. مرت النظارة التي نعرفها اليوم، بالعديد من المراحل والتطورات حتى وصلت لنا، فظهرت أول نظارة عرفها العالم في مدينة بيزا الإيطالية. كانت عبارة عن عدسة واحدة من الزجاج، مثبتة على حامل معدني أو خشبي، يتم حملها باليد لتوضع أمام العين، ثم تطور الشكل فأصبحت عدستين بدون ذراع، يتم حملها باليد أو تستندان على عظمة الأنف بواسطة قطعة بلاستيكية. اعتبارا من القرن الخامس عشر أصبحت النظارة قطعة واحدة، عبارة عن دائرتين من العظم أو النحاس، حاملتين للعدستين، يتصلان ببعضهما البعض بواسطة جسر معدني، وبدأ التفكير في كيفية تثبيتها على الوجه، بذلت محاولات عديدة لتحقيق ذلك حتى تمكن أدوارد سكارتز عام 1730 من ابتكار نظارة أطلق عليها النظارة الهيكل، تعد أول نظارة يتم تثبيتها، وحملها فوق الأنف، كان لها ذراعان مثقوبان، يمر من خلالهما شريط أو حبل يتم ربطه خلف الرأس، أو يتم توصيله بالقبعة، تميزت تلك النظارة بعدسات مستديرة كبيرة الحجم، وإطار فضي مميز، ارتداء النظارة خلال ذلك العصر كان دلالة على الذكاء، وارتفاع مكانة الشخص الاجتماعية والمادية، وكلما كانت النظارة ذات حجم أكبر، دل ذلك على ارتفاع ذكائه ومكانته الاجتماعية بصور أكبر. شهد القرن الثامن عشر تطور كبير في صناعة النظارات في أوروبا، حيث أصبحت تثبت على الأذن بذراعين قصيرتين، ينتهيان بحلقتين، تضغطان على الصدغين، كما ظهرت نظارة شهيرة أطلق عليها الورجنيت، كانت عبارة عن زوج من العدسات، مثبت على أحد جانبيها حامل أو ذراع، بحيث تطوى النظارة داخل الحامل بمجرد الانتهاء من استخدامها. كما ظهرت خلال القرن التاسع عشر نظارة أحادية العدسة، أطلق عليها المونوكلز، كانت عبارة عن عدسة واحدة متصلة بسلسة من الذهب أو الفضة، يتم وضع طرفها في جيب السترة، وارتداؤها كان من الدرجة الأولى نوعا من الوجاهة الاجتماعية، لذلك اقتصر استخدامها عند بدء ظهورها على الطبقات الأرستقراطية من المجتمع. خلال عصر النهضة الصناعية في أوروبا، نالت النظارات نصيبا وافرا من التطور، وتسابق المصممون لإبتكار أشكال فريدة منها بأحجام وألوان متميزة، مما دفع بدور الأزياء العالمية لإدخال تصميمها وابتكاراتها على النظارات التي صارت اليوم جزء من فنون الموضة.

ليست هناك تعليقات: