الخميس، 24 مارس 2011

من قصص بهلول - العبور على الصراط

كان يذهب بهلول في بعض الأوقات إلى المقبرة ويجلس على القبور ، ثم يقرآ الفاتحة للأموات سواء كان يعرفهم او لا.

وذات يوم وعلى عادته كان بهلول قاصداً مقبرة المسلمين فصادفه في الطريق هارون الرشيد وهو يريد الذهاب إلى الصيد، فلما رآه هارون سأله قائلاً : " ماذا تفعل هنا يا بهلول ؟"

أجابه بهلول وكان جالساً على قبر من القبور.(( جئت اٌناساً لا يغتابون أحداً ولا يرجون مني شيئاً ولا يؤذوني )).

نزل هارون من فرسه وأمر يديه على أُذني فرسه ثم خطا نحو بهلول وقال : (( أريد أن أسألك عن شيء)).

قال بهلول : (( إن كنت اعلم جواب مسألتك أجيبك )).

وقف هارون على القبر الذي كان بهلول جالس عنده وقال: (( اخبرني عن الصراط وأخبار الآخرة)).

نهض بهلول من على القبر ووقف إلى جانب هارون – وكان مطرقاً إلى الأرض – ثم قال لهارون : (( قل لهؤلاء أن يوقدوا ناراً هنا )).

أمر هارون من حوله ليذهب في طلب الحطب ، فلما أحضرت النار قال بهلول لهارون أن يأمر له بطشت فيضعوه على النار فلما نفذوا أمر هارون واشتدت حرارة الطشت قال لهارون : (( يا هارون ، سوف أقف على هذا الطشت ثم أعرف نفسي وما أكلت وما لبست ، فإن أتممت كلامي تقف أنت أيضاً وتفعل مثل ذلك )).

قال هارون – وهو لا يعرف ماذا يعني بهلول - متعجباً : (( هل بإمكانك أن تذكر لي ماهي فائدة ذلك ؟ )).


قال بهلول : (( سألت فاسمع مني الجواب وأفعل ما آمرك به)).
كان هارون يخشى الوقوف داخل الطشت فحاول صرف بهلول عما ينويه ، فقال بهلول : (( عليك أن تفعل ذلك أولاً )). كان يشم من كلام هارون رائحة الخوف الممزوج بالتهديد، لكن ذلك لم يكن ليثنٍ بهلولاً عن عزيمته فقال: (( نعم ، أفعل ذلك أنا أولاً )). ثم ذهب إلى الطشت فوقف في وسطه وقال : (( أنا بهلول ، طعامي التمر وخبز والشعير والخل ، ولباسي من الصوف )) فلما أتم بهلول كلامه خرج وليس في قدميه آثار الحروق .

والآن أيها الأصدقاء الأعزاء وصلت النوبة لهارون ، تقدم هارون وقد امسكو به من تحت إبطيه ليخلع نعليه ، وكان من حوله ينظر إليه نظر المشفق ، فق تقدم وهو يلفظ أنفاسه بسرعة والعرق يتصبب من جبينه ، وأخيراً خلع نعليه ودخل الطشت على عجل ، فلم تكن له طاقة الوقوف أكثر من لحظة قال فيها : (( أنا هارون .....)) ثم قفز بسرعة .


لم يجرأ من كان حول الرشيد على الضحك من هارون وحاولوا أن يمسكوا أمام أفواههم .
لم يكن يستطيع هارون الوقوف على قدميه أمام حاشيته ، فأخذ ينظر إلى من حوله وقال لبهلول بغضب : (( قل لي الآن ماذا أردت من ذلك ؟)) .

تبسم بهلول وقال : (( اعلم أن يوم القيامة بهذا النحو ، فإن الذين لا يملكون في الدنيا مالاً ولا ذهباً يعبرون الصراط آمنين ، وأما من كان متعلقاً بالدنيا وزبرجها فليس له قدرة العبور على الصراط ، فإن من كان كذلك يسقط في جهنم في اللحظة الأولى من وقوفه على الصراط)).

ليست هناك تعليقات: