الخميس، 17 مارس 2011

الحضارة الفينيقية

كان الفينيقيون يقطنون الأرض الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط غرباً ، وجبل لبنان شرقاً ، هو شريط ضيق مواز للبحر قليل الزراعة ، موفور الغابات ، ينفذ إلى البحر من عدة موانئ صالحة للملاحة. وفينيقيا على ضيق مساحتها لم تكن دولة موحدة ، بل كانت عبارة عن مدن مستقلة ، تخضع لزعامة أقواها. وقد تولت هذه الزعامة مدينة ( صيدا ) حيناً من الزمن ثم خلفتها مدينة ( صور ). وكان موقع بلاد الفينيقيين يتوسط الشرق والغرب ، لذلك كانوا بحارة مهرة ، فاشتغلوا بنقل التجارة بين موانئ البحر الأبيض المتوسط وسائر بلاد العالم المعروفة في ذلك الوقت. على أن دور الفينيقيين كملاحين وتجار ، لم يكن قاصراً على نقل البضائع فحسب بين بلاد العالم القديم ، وإنما تعداه ضمناً إلى نقل الحضارات ممثلة فيما نقلوا من مصنوعات. كذلك كان لهم الفضل في نشر الثقافة ، فهم الذين نشروا اللغة المصرية القديمة ( الهيروغليفية ) ، بعد إدخال شيء من التعديل عليها. ولاتساع مجال التجارة أمامهم ، هاجر بعضهم إلى جزر البحر الأبيض المتوسط وبلاد الإغريق وشمال إفريقيا. وأسسوا مستعمرات لهم ، كانت بمثابة محطات لسفنهم وأسواق لتجارتهم. وكانت من أهم مستعمراتهم في غرب البحر الأبيض ( قرطاجنة ) التي تأسست في القرن التاسع قبل الميلاد ، وعظم شأنها حتى نافست الرومان لفترة طويلة. كذلك كان للفينيقيين تجارة برية واسعة ، إذ حملت قوافلهم منتجات بلاد العرب والهند والقوقاز وآشور ، كالأحجار الكريمة والذهب والعاج وريش النعام والسجاد. وساعدت هذه الثروة الطائلة التي توفرت لهم من التجارة ، على قيام صناعات راقية اشتهرت بها مدنهم مثل ( صور ) و ( صيدا ) ، وغيرهما ، من ذلك صناعة المنسوجات والأصباغ التي نبغوا فيها والحلي والأواني المعدنية والزجاج. ولكن لم يكن للفينيقيين مجهود واضح في العلوم والمعارف ، إذ كان أول ما يعنيهم التوسع في التجارة والعمل على ترويجها.

ليست هناك تعليقات: